نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 68
قال عبد الرحمن بن عبد القارئ : خرجت مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ليلة رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ، ويصلي الرجال فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر : إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم ، قال عمر : نعمت البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون ، يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله [1] . إن إقامة صلاة التراويح جماعة لا تخلو من صورتين : الأولى : إذا كان لها أصل في الكتاب والسنة ، فعندئذ يكون عمل الخليفة إحياء لسنة متروكة سواء أراد إقامتها جماعة أو جمعهم على قارئ واحد ، فلا يصح قوله : " نعمت البدعة هذه " إذ ليس عمله تدخلا في الشريعة . الثانية : إذا لم يكن هناك أصل في المصدرين الرئيسين ، لا لإقامتها جماعة أو لجمعهم على قارئ واحد ، وإنما كره الخليفة تفرق الناس ، ولأجل ذلك أمرهم بإقامتها جماعة ، أو بقارئ واحد ، وعندئذ تكون هذه بدعة قبيحة محرمة . توضيح ذلك : إن البدعة التي تحدث عنها الكتاب والسنة هي التدخل في أمر الدين بزيادة أو نقيصة والتصرف في التشريع الإسلامي ، وهي بهذا المعنى لا يمكن أن تكون إلا أمرا محرما ومذموما ولا يصح تقسيمه إلى حسنة وقبيحة ، وهذا شئ واضح ولا يحتاج إلى استدلال . نعم ، البدعة بالمعنى اللغوي التي تعم الدين وغيره تنقسم إلى قسمين ، فكل شئ محدث مفيد في حياة المجتمعات من العادات والرسوم ، إذا أدي به من دون