نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 322
لهذا السؤال ولم يخطر بباله ركاكة هذا الكلام " [1] . يلاحظ عليه : أن الرازي غفل عن أن الرؤية من الأمور الإضافية القائمة بالرائي والمرئي فالتقابل من لوازم الرؤية بما هي هي ، فاختلاف المرئي في الماهيات كاختلاف الرائي في كونه حيوانا أو إنسانا لا مدخلية له في هذا الموضوع ، فافتراض نفس الرؤية وتعلقها بالشئ وغض النظر عن الرأي وخصوصيات المرئي يجرنا إلى أن القول بأن الرؤية رهن التقابل أو حكمه . وذلك لأن الموضوع لحكم العقل من لزوم المقابلة في الرؤية ، هو نفسها ، بما هي هي ، والموضوع متحقق في الشاهد والغائب ، والمادي والمجرد ، فاحتمال انفضاض الحكم باختلاف المرئي ، يناقض ما حكم به باتا بأن الرؤية بما هي هي لا تنفك عن التقابل ، فإنه أشبه بقول القائل : إن نتيجة 2 + 2 ، هو الأربعة ، لكن إذا كان المعدود ماديا لا مجردا ، ويرد بأن الموضوع نفس اجتماع العددين وهو متحقق في كلتا الصورتين . وبكلمة موجزة : إن الرؤية بالعين رابطة مادية بين العين والمرئي وهي تتوقف على كون المرئي ماديا والله سبحانه منزه عن المادة . أضف إلى ذلك ماذا يريد من الغائب ، هل يريد الموجود المجرد عن المادة ولوازمها ؟ فبداهة العقل تحكم بأن المنزه عن الجسم والجسمانية والجهة والمكان لا يتصور أن يقع طرفا للمقابلة . وإن أراد منه الغائب عن الأبصار مع احتمال كونه جسما أو ذا جهة ، فذلك إبطال للعقيدة الإسلامية الغراء التي تبنتها الأشاعرة وحتى الرازي نفسه في غير واحد من كتبه الكلامية وفي غير موضع في تفسيره . ولقائل يسأل الرازي ، إنه لو لو وقعت الرؤية على ذاته سبحانه فهل تقع على كله أو بعضه فلو وقعت على الكل يكون محاطا لا محيطا وهذا باطل بالضرورة ، ولو وقعت على الجزء فيكون ، ذا جزء مركبا . ومما ذكرنا يتميز الفطن عن الغبي ، والكلام الرصين عن الركيك فلاحظ .