نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 321
يتعلق إلا بالمحسوس لا بالمجرد . ثم إن الرازي أراد الخدش في هذا الأمر البديهي ولكنه رجع خائبا واعترض على هذا الاستدلال بوجهين : الأول : أن ادعاء الضرورة والبداهة على امتناع رؤية الموجود المنزه عن المكان والجهة أمر باطل ، لأنه لو كان بديهيا لكان متفقا عليه بين العقلاء وهذا غير متفق عليه بينهم ، فلا يكون بديهيا ولذلك لو عرضنا قضية أن الواحد نصف الاثنين لا يختلف فيه اثنان ، وليست القضية الأولى في البداهة في قوة القضية الثانية [1] . يلاحظ عليه : بأنه خفى على الرازي أن للبداهة مراتب مختلفة ، فكون نور القمر مستفادا من الشمس قضية بديهية ولكن أين هذه البداهة من بداهة قولنا : الواحد نصف الاثنين ؟ أضف إلى ذلك أن العقلاء متفقون على لزوم المقابلة أو حكمها على تحقق الرؤية ، وإنما خالف فيه ، أمثال من خالف القضايا البديهية كالسوفسطائيين حيث ارتابوا في وجودهم وعلومهم وأفعالهم مع أنهم كانوا يعدون من الطبقات العليا في المجتمع اليوناني . الثاني : أن المقابلة شرط في الرؤية في الشاهد فلم قلتم إنه في الغائب كذلك وتحقيقه ، هو أن ذات الله تعالى مخالفة بالحقيقة والماهية لهذه الحوادث والمختلفات في الماهية لا يجب استواؤها في اللوازم فلم يلزم من كون الإدراك واجبا في الشاهد عن حضور هذه الشرائط ، كونه واجبا في الغائب عند حضورها [2] . هذا كلامه في كتاب الأربعين ويقول في تفسيره : " ألم تعلموا أن ذاته تعالى مخالفة لسائر الذوات ، ولا يلزم من ثبوت حكم في شئ ثبوت مثل ذلك الحكم فيما يخالفه ، والعجب أن القائلين بالامتناع يدعون الفطنة والكياسة ولم يتنبه أحد