المسألة في دائرة فكرة العصمة " هذين الإتجاهين : الاتجاه الأول : القصة في عالم التمثّل لا التكليف : إن الخصمين كانا من الملائكة ، فلا يكون التكليف حقيقيا . . الاتجاه الثاني : القضاء التقديري لا الفعلي . . " [1] . ثم بعد ذلك يصرّح " الكاتب " بأن ( السيد ) يرجح " على ما يظهر من تفسيره الاتجاه الأول الذي يرى أن الحادثة وقعت في عالم التمثّل وليس في عالم التكليف الشرعي ، ويفسر الآيات على ضوء ذلك الاتجاه . . " [2] . وأمام هذا التدليس ، وتحريف الكلم عن مواضعه لا بدّ من الإشارة إلى بعض الملاحظات التي من شأنها أن تلقي الضوء على حقيقة رأي صاحب " من وحي القرآن " فنقول : 1 - لا صحة على الإطلاق لما زعمه " الكاتب " من أن ( السيد ) يفسّر الآيات على ضوء الاتجاه الأول ، بل أنه في تفسيره للآيات وقبل أن يشرع بالبحث عن علاقة القضية بمسألة العصمة ، لم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى جنس الخصمين ، ولا إلى كون ذلك الحكم تقديريا ، وإنما قال بالنص الحرفي : " وهكذا أطلق داود ( ع ) الحكم ، وتدخل في تفسير المسألة من ناحية اعتبارها مظهرا من مظاهر الانحراف الاجتماعي في العلاقات العامة في الحقوق المتنازع عليها بين الناس . . ولم يكن قد استمع إلى الطرف الآخر مما تقتضيه طبيعة إدارة الحكم في جانب الشكل والمضمون ، فعليه أن يدرس الدعوى من خلال الاستماع إلى حجة المدعى عليه ، لأن مسألة الغنى والفقر ، والكثرة والقلة ، لا يصلحان أساسا للحكم على الغني الذي يملك الكثير لحساب الفقير الذي يملك القليل ، أو لا يملك شيئا في دائرة الحق المختلف فيه " [3] .
[1] مراجعات في عصمة الأنبياء ص 290 . [2] مراجعات في عصمة الأنبياء ص 291 . [3] من وحي القرآن ج 19 ص 274 .