2 - إن ( السيد ) لم يرجح الاتجاه الأول ، وهذه الدعوى من " الكاتب " كغيرها هي تحريف للكلم عن مواضعه ، وذلك للأسباب التالية : أ - بعد الانتهاء من تفسير الآيات من دون أن يشير في تفسيره إلى أن الخصمين من الملائكة ، وبعد تصريحه بأن داود ( ع ) أخطأ في الحكم من دون أن يشير إلى أن حكمه كان تقديريا يطرح بحث علاقة القضية بالعصمة متسائلا : " كيف نفهم المسألة في دائرة فكرة العصمة أمام تصريح الآية بالاستغفار والرجوع إلى الله بعد الفتنة التي لم يستطع النجاح فيها ، فأخطأ في إدارة مسألة الحكم في الجانب الإجرائي منه " [1] . ب - ثم يستعرض الاتجاه الأول بالقول : " ربما تطرح القضية على أساس أن الخصمين إذا كانا من الملائكة ، فإنها لا تكون تكليفا حقيقيا بل هي قضية تمثيلية على سبيل التدريب العملي ليتفادى التجارب المستقبلية فيما يمارسه من الحكم بين الناس ، تماما كما هي قضية آدم التي كانت قضية إمتحانية ، لا تكليفا شرعيا ، فلم تكن هناك معصية ، بالمعنى المصطلح ، وبذلك يكون الاستغفار مجرّد تعبير عن الانفتاح على الله والمحبة له والخضوع له فيما يمكن أن يكون قد صدر عنه من صورة الخطيئة ، لا من واقعها . . " [2] . ج - وبعدها يستعرض الاتجاه الثاني قائلا : " وأما إذا كان الخصمان من البشر فقد يقال : بأن القضاء الصادر من داود ( ع ) لم يكن قضاءً فعليا حاسما ، بل كان قضاءً تقديريا بحيث يكون قوله : لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ، بتقدير قوله : لو لم يأت خصمك بحجة بينة . . " [3] .
[1] من وحي القرآن ج 19 ص 276 . [2] من وحي القرآن ج 19 ص 277 . [3] من وحي القرآن ج 19 ص 277 .