ولنا أن نسأل بعد ما مرّ ، ألا يعتبر " الكاتب " فيما قدمه مصداقا ينطبق عليه قول الله عز وجل : { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } [1] . الشاهد الأعمى ويتابع " الكاتب " حديثه عن السبب الذي دفع صاحب " من وحي القرآن " إلى أن لا يحسم الأمر من أول وهلة ، في موضوع عدم ارتكاب نبي الله موسى ( ع ) جريمة دينية ، بل قال : " إننا نرجح الاحتمال الثاني " . فبعد أن اعتبر " الكاتب " أن هذا " أسلوب رائع من أساليب الحوار " ، أردف قائلا : " فليس من الضروري أن يجزم المفسِّر لأول وهلة بالاتجاه الذي يتبناه ويرتضيه ، ويرفض الاتجاه الذي لا يرتضيه . . " . وأضاف : " إننا كثيرا ما نجد سيد المفسرين في هذا العصر ، العلامة الطباطبائي ( قده ) لا يعطي رأيه النهائي من أول وهلة ، بل ولا من أول صفحة " . وتابع قائلا : " ولعل أكبر مثال على ذلك تفسيره لسورة " عبس " حيث نجده في بيانه في أول السورة لم يختر رأيا ، ولم يرجح رواية ، بل أشار إلى ورود روايات من طرق أهل السنة والشيعة . . ثم قال : وسيوافيك تفصيل البحث عن ذلك في البحث الروائي . . وبعد أربع صفحات يعقد البحث الروائي ويستعرض فيه الروايات المتعارضة ثم يعطي رأيه النهائي الذي يستبعد فيه أن السورة نازلة في النبي ( ص ) " [2] . غريب أمر هذا " الكاتب " في شاهده هذا الذي تقدم ! ! إذ كيف جعل من " لم يختر رأيا ولم يرجح رواية " من أوِّل الأمر ، كمن يحتمل من أوِّل الأمر رأيين ويرجح أحدهما ويترك الآخر مرجوحا ؟ ! ! .
[1] سورة الصف / الآية 2 . [2] مراجعات في عصمة الأنبياء ص 243 و 244 .