هارون لإزالة توهم موسى التقصير في حق أخيه كان ذلك اتهاما لموسى ( ع ) بالجهل بلا شك . أما إذا وضعنا كلامه ( قده ) في سياق أن كلام موسى ( ع ) مع أخيه لم يكن اتهاما له ، وإنما كما قال العلامة المحقق وغيره من أعلام التفسير كان بمثابة سؤال لإظهار براءة هارون من نسبة القصور أو التقصير إليه ، فإنه حينئذٍ ، سيكون المقصود من عبارة العلامة المشهدي " إزالة لتوهم التقصير في حقه " إنما هو إزالة التوهم الحاصل عند غير موسى ( ع ) سواء ممن كان حاضرا أو غائبا من الأجيال اللاحقة . والحقيقة أن هذا المعنى هو الرأي الذي يذهب إليه العلامة المشهدي الذي ضعف القول بأن هارون ( ع ) كان مقصرا بعبارة " قيل " وذلك حينما قال في تفسيره لقوله تعالى : { فأخذ برأس أخيه يجره إليه } : " قيل : توهما بأنه قصّر في كفّهم " [1] . بعد هذا التوضيح نتوقف عند قول " الكاتب " عن مقولة : " الجهل المركب " بأنها : " لوازم عجيبة لا تخطر على ذهن من يقرأ النص الآنف مهما كان " [2] معلّلا ذلك بثلاثة أمور : الأول : " أن النص صريح بأن الحديث عن الخطأ في تقدير الأمور التي لا تضر بالعصمة ، والتي تقع في دائرة ترك الأولى ، فقد جاء التعبير : " لا نجد مثل هذه الأمور ضارة بمستوى العصمة " وتعبيره : " من مثل هذه الأخطاء في تقدير الأمور " ، كما أن سياق الحديث في موقف موسى ( ع ) من أخيه هارون ( ع ) حيث صرّح المفسرون القدماء والمعاصرون ، أن موسى ( ع ) : " غضب على هارون كما غضب على بني إسرائيل غير أنه غضب عليه حسبانا من أنه لم يبذل الجهد في مقاومة بني إسرائيل " على حد تعبير العلامة الطباطبائي ( قده ) " .
[1] كنز الدقائق ج 5 ص 186 . [2] مراجعات في عصمة الأنبياء ، ص 234 .