الثاني : " لا يمكن أن نفسر العديد مما وقع به الأنبياء ، في دائرة ترك الأولى إلا بعدم القصد أو الإعتقاد بأنها معصية إرشادية أو ترك أولى " [1] . الثالث : " إن " السيد " أكد مرارا وتكرارا أن الأنبياء معصومون في دائرة الأوامر والنواهي المولوية ولا يمكن أن يقعوا في الجهل من هذه الناحية ، لأنهم الأعلم ، والأعرف بأمور الشريعة ، ولا يمكن أن يجهلوا مفردة من مفرداتها ولهذا ، فإن قوله : " لا يعصي الله في ما يعتقد أنه معصية " واضح بصورة جلية بالمعاصي الإرشادية لا المولوية " [2] . وفي هذا الكلام مفارقات عديدة أهمها : 1 - إن مقولة " الجهل المركب " ليست من اللوازم العجيبة ، بل هي لوازم قريبة وواضحة من نص صاحب " من وحي القرآن " ، فإن الذي يقول بأن النبي إنما لا يعصي الله فيما يعتقد أنه معصية ، فإنه ينسب إلى النبي الجهل بأن هذا الفعل معصية ، والجهل بأنه جاهل به إذ لو كان يعلم بجهله لما أقدم على الفعل وإن كان يعتقد خلاف الواقع ، فإن الله لا يطاع من حيث يعصى . وعليه ، فإن مقولة : " إنما لا يعصي الله فيما يعتقد أنه معصية " يلزم منها أن النبي لا يستند ولا يسترشد في فعله بالعلم فيكون جاهلا ، ومن كان هذا شأنه فهو يجهل بأنه جاهل وهو " الجهل المركب " بعينه ، وإلا فليسمه لنا " الكاتب " ما هو ؟ ! . فهل هو علم اتفق أنه غير مطابق للواقع ؟ ! . أم أنه علم اتفق أنه غير مطابق للتكليف ؟ ! ! . فليطلق عليه " الكاتب " ما يحلو له من الأسماء ، وليصطلح له مصطلحا آخر ، فإنه لن يعدو عن كونه جهلا مركبا .
[1] مراجعات في عصمة الأنبياء ، ص 234 . [2] مراجعات في عصمة الأنبياء ، ص 235 و 236 .