responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأنبياء فوق الشبهات نویسنده : محمد محمود مرتضى العاملي    جلد : 1  صفحه : 261


بها ، أو كمن تتحرك غريزة الجوع في نفسه بكل إفرازاتها الجسدية عندما يشم رائحة الطعام " .
" وهكذا نتصوّر موقف يوسف ، فقد أحس بالإنجذاب في إحساس لا شعوري ، وهم بها استجابة لذلك الإحساس ، كما همت به ، ولكنه توقف ثم تراجع . . ورفض الحالة بحزم وتصميم ، لأن المسألة عنده ليست مسألة تصوُّر سابق وموقف متعمّد ، وتصميم مدروس ، كما هي المسألة عندها ، ليندفع نحو خطّ النهاية كما اندفعت هي ، ولكنها كانت مسألة انجذاب جسدي يشبه التقلّص الطبيعي ، والاندفاع الغريزي . . إنها لحظة من لحظات الإحساس ، عبرت عن نفسها ثم ضاعت وتلاشت أمام الموقف الحاسم والعقيدة الراسخة أو القرار الحازم . . المنطلق من حساب دقيق لموقفه من الله ، فيما ينطلق فيه من عقيدة ، وفيما يتحرّك فيه من خط ، وفيما يقبل عليه من عقاب الله ، لو أطاع إحساسه . . وهذا ما عبّر عنه قوله تعالى : { لولا أن رءا برهان ربّه } فيما تعنيه كلمة " البرهان " من الحجّة في الفكرة التي تقوده إلى وضوح الرؤية ، فتكشف له حقيقة الأمر ، فيحسّ بعمق الإيمان ، أنه لا يملك أية حجّة فيما يمكن أن يقدم عليه ، بل الحجّة كلها لله . . وربما كان جو هذه الآية هو جو قوله تعالى : { إن الذين اتقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون } وقد نستوحي ذلك من مقابلة كلمة " هم بها " لكلمة " همت به " فقد اندفعت عليه بكل قوّة وضراوة واشتهاء ، فحرّكت فيه قابلية الاندفاع . . وكاد أن يندفع عليها لولا يقظة الحقيقة في روحه ، وانطلاقة الإيمان في قلبه . . وبذلك كان الموقف اليوسفي ، فيما هو الإنجذاب ، وفيما هو التماسك والتراجع والانضباط ، مستوحى من الكلمة ، ومن الجو الذي يوحي به السياق معا " [1] . الكاتب هو " الكاتب " ، والدواعي هي هي ، كما الوسائل والغايات . . فلا يتوقع القارئ أي تغيير أو تبديل أو تحويل أو حتى تعديل في المنهج لا سيما بعد أن اطلعنا على بعض مفرداته فيما سبق من فصول .



[1] خلفيات ج 1 ص 87 - 89 ، نقلا عن : من وحي القرآن ج 12 ص 204 - 208 .

261

نام کتاب : الأنبياء فوق الشبهات نویسنده : محمد محمود مرتضى العاملي    جلد : 1  صفحه : 261
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست