والوجه الثاني : أنه أراد لا تأخذني بما تركت . ويجري ذلك مجرى قوله تعالى : " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي " أي ترك ، وقد روي هذا الوجه عن ابن عباس عن ابن أبي كعب عن رسول الله ( ص ) قال : " قال موسى لا تؤاخذني بما نسيت " يقول : " بما تركت من عهدك " . والوجه الثالث : أنه أراد لا تؤاخذني بما فعلته مما يشبه النسيان فسماه نسيانا للمشابهة . . وإذا حملنا هذه اللفظة على غير النسيان الحقيقي فلا سؤال فيها . وإذا حملناها على النسيان في الحقيقة كان الوجه فيه أن النبي إنما لا يجوز عليه النسيان فيما يؤديه عن الله تعالى أو في شرعه أو في أمر يقتضي التنفير عنه " [1] . وقد مر في تعليقنا على كلام الطوسي ( قده ) ما يمكن إيراده هنا أيضا فنقول مع بعض الإضافات : 1 - من الملفت أن السيد المرتضى ( قده ) جعل عنوان بحثه هو : تنزيه موسى ( ع ) عن النسيان ، فالقول بأنه ( قده ) يلتزم بالمعنى الحقيقي للنسيان فيه تعسف واضح . 2 - قال السيد المرتضى ( قده ) قبل استعراضه للمعاني الثلاثة أنه ذكر في معنى النسيان وجوها ثلاثة ، ثم ساق المعاني . ومن الواضح أن قوله عن المعنى الأول بأنه ليس بعجيب مع قصر المدة . . ليس قوله على الحقيقة وإنما هو قول من ذهب إلى هذا المعنى ويؤيده قوله : " لما يعرض له من شغل القلب وغير ذلك " ، لأن شغل قلب الأنبياء بغير الله لا يقول به الإمامية وهو مما يتنزه عنه المعصوم .