من هنا تحدث صاحب " من وحي القرآن " عن أن هذه الرؤية تفيد إبراهيم في تدرجه للوصول إلى اليقين وهو معنى ما قاله بالنص : " . . مما يوحي بأن إبراهيم كان يعيش حركة الفكر الذي يريد أن ينمّي من خلاله معلوماته وأفكاره ، بكل الأشياء التي تركز للفكرة قوتها وفاعليتها وثباتها وحركتها . . " [1] . 4 - ولا يختلف حال " الكاتب " كثيرا في شاهده الثالث عن حاله في غيره من الشواهد ؛ لأن ما نقله عن فحوى كلام صاحبه من أن إبراهيم عليه السلام : " لم ينطلق بقوله ( هذا ربي ) من حالة ذاتية يعيشها في نفسه ، بل انطلق على أساس الحالة الواقعية للآخرين الذين كانوا يعبدون الكوكب والقمر والشمس " [2] - لأن ما نقله - ليس دقيقا ، ولا ينفعه عدم وضعه بين مزدوجين إذ أن صاحبه لم يكن يتحدث عن خصوص هذه الآية ؛ بل عن مجمل آيات إبراهيم عليه السلام بما فيها موقفه من الأصنام . وعلى أي حال فقد ذكرنا أن هذا الشاهد وغيره لم يجزم به " صاحب من وحي القرآن " ولذلك عبر بكلمة : " ربما " . 5 - أما المواطن الأربعة التي استدل بها " الكاتب " على ميل صاحب " من وحي القرآن " إلى هذا الاتجاه فيرد عليها : أ - إن المواطن الثلاثة الأول منها مأخوذة من كتابي الندوة ج 1 ، والندوة ج 4 ، وقد تقدم أن تقريبه لإتجاه هنا ، وتوضيحه لعبارة موهمة هناك مما يذكره في مواضع بعيدة عن الموضع الذي ورد فيه الإشكال لا يفيد إذ " لا يجوز تأخير البيان عن موضع الحاجة " وهو ما فصّلنا الكلام فيه فيما سبق . ب - أما الموطن الرابع المأخوذ من كتاب " الحوار في القرآن " فلا دليل فيه على ميله لهذا الاتجاه أي : " المحاكاة الاستعراضية " . ولتفصيل ذلك نقول :
[1] من وحي القرآن ج 9 ص 120 . [2] مراجعات في عصمة الأنبياء ص 125 .