وعليه يكون إشكال العلامة المحقق منصبا على ما صرّح به صاحب " من وحي القرآن " من قرائن وشواهد تقرّب احتمال أن يكون ما حكاه الله عن إبراهيم عليه السلام إنما صدر منه في طفولته ، قبل أن يكتشف الحقيقة . فليراجع النص الكامل لصاحب ( من وحي القرآن ) في بداية الفصل تحت عنوان " النصوص المشكلة " . أما الاحتمال الثاني ، وهو أن إبراهيم عليه السلام كان في صدد المحاججة لقومه ، فلم يشكل العلامة المحقق عليه ، إنما أشكل على عدم تدعيمه بالشواهد والقرائن التي تدحض الاحتمال الأول وتبطله وتبعده عن دائرة الاحتمال . وهذا واضح من خلال النص المتقدم نقله عن كتاب خلفيات ، ويزيده وضوحا قوله : " إننا لا نجد أي دليل على أن هذه القضية قد حصلت لإبراهيم عليه السلام في زمان طفولته ، بل في الآيات ما يشير إلى خلاف ذلك وأن ذلك في مقام الإحتجاج على قومه " [1] . وعليه يظهر عدم صحة ادعاء الكاتب ، حيث ذكر في خلاصة بحثه أن صاحب " من وحي القرآن " استقرب ورجح أن يكون ما صدر من إبراهيم عليه السلام إنما كان على سبيل المجادلة لقومه ووصفه بأنه أفضل الآراء . وذكر أن الاحتمال الثاني ، وهو أن يكون ذلك قد حصل مع إبراهيم عليه السلام زمان طفولته ، قد استوجهه وإن لم يختره ، ثم ذكر أن العلامة المحقق اختار الرأي الذي يقول بأن ذلك إنما كان في مقام " الاستنكار والاستهزاء " ووصفه بأنه أضعف الآراء وأنه لا ينسجم مع ظاهر الآيات [2] وهذا تضليل بل افتراء ما بعده
[1] خلفيات ج 1 ص 82 . [2] راجع مراجعات في عصمة الأنبياء ص 133 .