المواهب الكامنة وصقلها ، كما تعمل على تحفيز القدرات الكامنة ، مما يساعد على تكوين ذهنية علمية صحيحة على أسس منهجية صحيحة لا مجال فيها لأن ينفرد فرد من هذه المجموعة برأيه ، بمعزل عن الآخرين ، فالكل في رصد دائم لبعضهم بعضا ، على أساس أن الفكرة ، أي فكرة ، يجب أن تأخذ مداها الأقصى في طرحها ومناقشتها وبحثها وتحليلها وتشريحها ، لتصير في النهاية إلى حيث ينبغي أن تكون . بخلاف النموذج الأول المنفرد والمنعزل عن هذه الأجواء التي ذكرناها ؛ لأن الثقافة الأحادية الجانب ، بالغا ما بلغ شأنها تبقى محكومة للنظرة الضيقة والأبعاد المحدودة لهذا الشخص ، وبالتالي عدم النفاذ إلى أعماق المسائل وجوهرها . لهذا كانت المذاكرة والمباحثة للمجموعات ، وباشتراك هيئات كبيرة من طلبة العلوم ، هي الطريق الأمثل لإيجاد أرضية صالحة ، ولتهيئة مناخ صحي ، لمسيرة العلم والمعرفة والثقافة . والنماذج التي يمكن اعتمادها كشواهد على صحة هذا الرأي ، هي من الكثرة بحيث يمكن أن يشكل التاريخ العلمي كله شاهدا عليها . وإذا رغب هذا " البعض " عن الأخذ بهذه الحقيقة منا ، فليتوجه إلى أرباب الحداثة الغربية ، فإنهم لن يقولوا له سوى ما قلناه ، وليأخذها منهم وليعمل بها ، فلا فرق . ولعل من أخطر مساوىء هذا المسلك الأحادي الجانب ، أن صاحبه يصبح عرضة لانحرافات خطيرة ، تشكل مع الوقت بنية ذهنية تعمل على تكوين خصائصها واتجاهاتها الفكرية الخاصة بها ، لتصبح مع مرور الوقت معلما من معالم شخصيته التي تميزه عن الآخرين ؛ ولعل الأخطر من ذلك ، أن تتحوّل هذه البنية الفكرية المنحرفة عند أصحابها إلى ميزات يفتخرون بها . الكفاءة هي الأساس ولكن ، لو سلمنا جدلا بأن الثقافة المنفردة يمكن لها أن تؤمِّن لصاحبها نصيبا من المعرفة والمعلومات المتعلقة في هذا الموضوع أو ذاك ، وقد يحدث أن ترفع هذه الثقافة المنفردة صاحبها إلى مستويات اجتماعية وسياسية معينة ، وتوسّع من دائرة نفوذه على المستوى الشعبي ، باعتبار أن الجمهور أو الرأي