فإنه لا ينجذب إليه ولا يسيل لعابه عليه ما دام حلالا ، فكيف إذا كان حراما ، فهو كالجيفة النتنة يراه على حقيقته وواقعه ، أو كلحم الميتة أو لحم الخنزير أو الخمر الذي ينفر منه طبع الإنسان المؤمن الملتزم ، الذي هو دون النبي مهما علا شأنه وعظم أمره . . ألا ترى كيف أن هذا الإنسان المؤمن الملتزم ينفر بطبعه من الحرام إذا ما عرض عليه ، بل هو معصوم عند تناول الميتة ولحم الخنزير والخمر والنظر إلى ما لا يحل النظر إليه فهو يراه سما ينفر منه ، ولا تهش له نفسه ، ولا يخطر في باله ، فضلا عن أن يفكر فيه . فكيف بالنبي ، الذي علمت بعض صفاته ومزاياه وكمالاته . . ثانيا : الانجذاب إلى الحرام والقبيح لا ينافي العصمة ! ! وهذه مقولة ثانية من المقولات التي تجاهلها " الكاتب " لا يشك أحد بانفراد صاحب " من وحي القرآن " بها ، وإلا فليخبرنا " الكاتب " من العلماء الأعلام ، لا سيما منهم المرتضى والطوسي يعتبر أن : " العصمة لا تعني عدم الانجذاب إلى الطعام المحرم ، والشراب المحرم ، أو الشهوة المحرمة ، ولكنها لا تمارس هذا الحرام " [1] . إذن وفق رأي صاحب " الوحي " فالمعصوم يمكن أن يشتهي الخمر ، ويمكن أن تنجذب نفسه إليه ، ويشتهي النساء المحصنات ، وتنجذب نفسه إليهن ، ولا يضير كل ذلك وغيره بالعصمة ، لأنها إنما تتعلق بالممارسة ؛ لأن العصمة - عنده - هي عدم ممارسة الحرام ، لا الميل النفساني له ! ! وهذا كلام غاية في الغرابة ، و " السذاجة " . . و " الجرأة " لم يسبقه إليه أحد . إن هذه المقولة هي التي ربطها العلامة المحقق بقول صاحب " من وحي القرآن " إن الإنسان : " لا يحاسب على نيّته إذا لم يحولها إلى واقع فالإنسان تخطر في باله أعمال يعبرون عنها في علم الأصول بالقول : " فعل قبيح وفاعل