responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأنبياء فوق الشبهات نویسنده : محمد محمود مرتضى العاملي    جلد : 1  صفحه : 267


فهؤلاء ( ع ) قد شملتهم العناية الإلهية ، والرعاية والألطاف الربانية منذ اللحظة الأولى لانعقاد نطفهم ، وهم أجنّة في بطون أمهاتهم ، لم يأت عليهم حين من الدهر على امتداد وجودهم ، إلا وكانوا موضع لهذه العناية والرعاية واللطف ، تطلبوا الكمال فنالوه ، مذ كانوا بعين الله يتقلبون في الساجدين ، بما أودعه الله فيهم من وسائل للهداية أخرجوها باختيارهم من عالم القوة إلى عالم الفعل وبما حقّقوه من نجاحات فيما امتحنهم وابتلاهم الله به ، بدت آثارها عليهم منذ نعومة أظفارهم علم وحكمة ، وقوة وقدرة ، يقين وسكينة واطمئنان . . استحقوها بجدارة بعد أن سبق فضل الله عليهم بما وعد به عباده . . لذا استخلصهم لنفسه ، واصطفاهم للنبوة ، واختارهم للرسالة دون العالمين . . حتى إذا ما واجهوا البلاء وتعرضوا للابتلاء من جديد ، وقفوا بثبات واختاروا الأولى والأصلح والأصح والأحسن بعد أن باتوا يرون الواقع على حقيقته ، لا يحول بينهم وبين ذلك حائل . . طاهرة أجسادهم ، صافية عقولهم ، ساكنة قلوبهم ، زاكية أرواحهم ، مطمئنة نفوسهم لا تشوبها شائبة ولا يعتريها ريب ولا شك ، قريبة من الله متحصنة به متيقنة من لقائه ، فلا تطوقها المواقف والظروف ولا تضعف أمامها ، ولا تنازعها الشهوات والنزوات والغرائز لتعيش العذاب ، فلا تنجذب للحرام والقبيح الذي تنفر منه طباعهم وتأباه طبائعهم ، لأنها ( القبائح ) مصروفة عنهم لا مصروفون عنها { كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين } لا سيما إذا عرض عليهم هذا الحرام والقبيح بثوب امرأة فائقة الحسن والجمال ، تحسن استخدام مفاتنها ، وتجيد الإغراء والغواية ، فإن ذلك لا يستر الواقع المكشوف لهم ، والحقيقة الساطعة أمامهم ، فلا يرون ذلك إلا تجلّي جلالي غضبي يمثل الغضب الإلهي ما دامت حراما ، أو تجلي جمالي يمثل الجمال الإلهي ما دامت حلالا يستأنسون بها ، وتسكن نفوسهم إليها { هو الذي جعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها } . . وعليه فلا يقاس أحد بهم ، وكيف يقاس من كان هذا هو شأنه بمن هو دونه . .
من هنا فإن النبي الصائم ، مهما كان جائعا أو عطشانا ، ومهما كان الطعام والشراب الذي يعرض عليه طيبا ولذيذا وشهيا كما قد يراه البعض ،

267

نام کتاب : الأنبياء فوق الشبهات نویسنده : محمد محمود مرتضى العاملي    جلد : 1  صفحه : 267
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست