فقالوا . والجواب : إنه لما علم النبي عليه السلام أن الصحابة يقومون بذلك ولا يخلون به لم يفعل ذلك لعدم الحاجة إليه . . ) أقول : قد عرفت أن الشروط المعتبرة في الإمام من العصمة والأعلمية - المستلزمة للأفضلية - وعدم المعصية سابقا على ما تقدم . . . منتفية عن أبي بكر وهي موجودة في أمير المؤمنين عليه السلام ، فهو المتعين لأن يكون الإمام . . وأيضا : يجب أن يكون الإمام منصوصا عليه ، وأبو بكر ليس بمنصوص عليه كما اعترف في الكتاب فلا يكون إماما ، بل الإمام هو علي عليه السلام . والنصوص الدالة على إمامته كتابا وسنة كثيرة . . . وأما ما ذكر من الوجهين للنص عليه إجمالا فلم يخدش في شئ من مقدماتهما ولا في النتيجة المطلوبة منها وهي وقوع النص على أمير المؤمنين عليه السلام ، غير أنه قال في الجواب ما حاصله : إيكال النبي صلى الله عليه وآله أمر تعين الإمام إلى الصحابة ، لكن فيه : أولا : إنه إذا تمت مقدمات الاستدلال وسلمت ، فالإلتزام بالنتيجة المترتبة عليها ضروري ، وإلا لزم الخلف . وثانيا : إن إيكال الأمر إلى الصحابة يستلزم أحد الأمرين : إما الاخلال بالواجب وإما الجهل بحال الأصحاب ، وكلاهما محال . بيان الاستلزام : إنه إن كان عالما بما سيقع بين الأصحاب والأمة من الافتراق والاختلاف والارتياب ، فأوكل إليهم تعيين الإمام من بعده ، فهذا من أظهر مصاديق الاخلال بالواجب ، وهو محال في حقه . وإن كان جاهلا بأحوالهم وتشتت أهوائهم واختلاف آرائهم . . فهذا نقص لا يجوز نسبته إليه أبدا ، مضافا إلى أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال : " ستفترق أمتي من بعدي إلى ثلاث وسبعين فرقة ، واحدة في الجنة والباقي في النار " [1] .
[1] هذا الحديث من الأخبار الثابتة ، وقد ذكر في الكتاب واستند إليه في 376 .