إشارة إلى أمر عقلي مركوز في أذهان العقلاء ، وهو في نفس الوقت دليل آخر على اعتبار العصمة في الشخص المتصدي أمر هداية الخلق إلى الحق . وعلى هذا الغرار جاءت الأحاديث النبوية المتفق عليها ، يكفي منها ما أخرجه مسلم وغيره عنه صلى الله عليه وآله أنه قال : " من استعمل عاملا من المسلمين وهو يعلم أن فيهم أولى بذلك منه وأعلم بكتاب الله وسنة نبيه فقد خان الله ورسوله وجميع المسلمين " . وأما أن أبا بكر لم يكن كذلك فهذا ما لا خلاف فيه لأحد ، وتدل عليه كتب السير والتاريخ ، وأبو بكر نفسه معترف به . . لكن عليا عليه السلام ادعى الأعلمية - وهو الصادق المصدق - واعترف له بذلك كبار الصحابة ، ورجوعهم إليه في المعضلات والمشكلات ، واعترافهم أمامه بالجهل ، مشهور . . فيكون هو الإمام . إحراق أبي بكر فجاءة قوله ( 357 ) : ( لأنه أحرق فجاءة المازني بالنار وكان يقول أنا مسلم ) . فأجاب بقوله : ( إحراق فجاءة إنما كان باجتهاده ، وعدم قبول توبته لأنه زنديق ، ولا تقبل توبة الزنديق في الأصح ) . أقول : ظاهر قوله : " لأنه . . " أن ما يذكره أصحابنا من المطاعن في هذا الباب ينحصر بهذه الموارد الثلاثة التي ذكرها ، والحال أنه ليس كذلك . . ففي التجريد مثلا : " ولم يكن عارفا بالأحكام ، حتى قطع يسار سارقه ، وأحرق بالنار فجاءة السلمي ، ولم يعرف الكلالة ، ولا ميراث الجدة ، واضطرب في أحكامه ، ولم يحد خالدا ولا اقتص منه ( 1 ) .