فيه : أنه إنما يدفع الضرر المظنون به إذا كان معصوما ، والعصمة لا يعلمها إلا الله ، ولذا قلنا بوجوب نصب الإمام على الله ووجوب النص عليه منه ، وأما تفويض النصب إلى الخلق فإنه يوجب الاختلاف ويؤدي إلى الضرر المطلوب زواله . وأما الكتاب فقد قال تعالى : * ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) * [1] . أما " الظالم " فهو " عند أهل اللغة وكثير من العلماء : واضع الشئ في غير موضعه " [2] . وغير المعصوم كذلك كما هو واضح ، وأما " العهد " فالمراد منه - كما ذكر المفسرون [3] - هو " الإمامة " فمعنى الآية : أن غير المعصوم لا يناله الإمامة . فأين الجواب الذي ذكره عن هذا الاستدلال ؟ وأما السنة فأحاديث كثيرة : منها : حديث الثقلين المتواتر بين الفريقين فإنه نص في وجوب متابعة الأئمة من عترة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته . . لكونهم معصومين . . فهو يدل على وجوب عصمة الإمام . . وهذا هو الحديث كما أخرجه مسلم بسنده عن زيد بن أرقم قال : " قام رسول الله يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال : أما بعد ، ألا يا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين ، أولهما : كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحث على كتاب الله ورغب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي . . " [4] .
[1] سورة البقرة 124 . [2] قاله الراغب في المفردات : 315 . [3] الرازي 3 / 40 ، البيضاوي : 26 ، أبو السعود 1 / 156 . [4] صحيح مسلم 7 / 122 باب فضل علي . وهذا الحديث تجده في سائر المسانيد والسنن وجوامع الحديث ، فإن شئت الوقوف على طرقه وأسانيده فراجع كتابنا ( خلاصة عبقات الأنوار ) .