قال العلامة المعتزلي : " فلما رأت البكرية ما صنعت الشيعة [1] ، وضعت لصاحبها أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث ، نحو : ( لو كانت متخذا خليلا ) فإنهم وضعوه في مقابلة ( حديث الإخاء ) . ونحو ( سد الأبواب ) فإنه كان لعلي عليه السلام ، فقلبته البكرية إلى أبي بكر . ونحو : ( إيتني بدواة وبياض أكتب فيه لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه اثنان ) ثم قال : ( يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر ) فإنهم وضعوه في مقابلة الحديث المروي عنه في مرضه : ( إيتوني بدواة وبياض أكتب لكم ما لا تضلون بعده أبدا . فاختلفوا عنده وقال قوم منهم : لقد غلبه الوجع ، حسبنا كتاب الله ) ونحو حديث : ( أنا راض عنك ، فهل أنت عني راض ؟ ) ونحو ذلك " [2] . وبعد ، فما مدلول هذا الحديث ونحن نتكلم هنا عن هذه الجهة وبغض النظر عن السند ؟ يقول المناوي : " أمره بمطاوعتهما يتضمن الثناء عليهما ، ليكونا أهلا لأن يطاعا فيما يأمران به وينهيان عنه . . " لكن أول شئ يعترض عليه به تخلف أمير المؤمنين عليه السلام ومن تبعه عن البيعة مع أمرهما به ، ولذا قال : " فإن قلت : حيث أمر باتباعهما فكيف تخلف علي رضي الله عنه عن البيعة ؟ قلت : كان لعذر ثم بايع ، وقد ثبت عنه الانقياد لأوامراهما ونواهيهما . . " [3] . أقول : لقد وقع القوم - بعد إنكار النص وحصر دليل الخلافة في الإجماع - في مأزق كبير وإشكال شديد ، وذلك لأنهم قرروا في علم الأصول أنه إذا خالف
[1] الذي صنعته الشيعة أنها استدلت بالأحاديث التي رواها أهل السنة في فضل أمير المؤمنين عليه السلام باعتبار أنها نصوص جلية أو خفية على إمامته كما ذكر صاحب " شرح المواقف " وغيره . [2] شرح نهج البلاغة 11 / 49 . [3] فيض القدير 2 / 56 .