ذلك إلا وقد فوجئ بخبر البيعة لأبي بكر ، فقال العباس : " فعلوها ورب الكعبة " [1] . وأي محاجة أبلغ من عدم البيعة . . مع كل ذلك الإرعاب والإرهاب . . فلم يبايع هو ولا الصديقة الطاهرة بضعة الرسول ، ولا أحد من بني هاشم ، مدة حياة الزهراء بعد الرسول وهي ستة أشهر ، فما بايعت ولا حملها علي على البيعة . . حتى توفيت . . [2] . بل لقد حاجج عليه السلام في كل فرصة سنحت له ، من ذلك قوله لقنفذ لما قال له : " يدعوك خليفة رسول الله " قال : " لسريع ما كذبتم على رسول الله " فرجع قنفذ إلى أبي بكر وأبلغه بما قال [3] . . ومن ذلك خطبته المشهورة المعروفة في الشورى ، واحتجاجه على القوم ، الصريح في إمامته منذ أول يوم ، وقد قابله كلهم بالسكوت الدال على التسليم القبول [4] . هذا ، مضافا إلى احتجاجات الزهراء الطاهرة وبعض الأصحاب الذين عرفوا منذ حياة رسول الله صلى الله عليه وآله بالتشيع والولاء له عليه السلام . . وثبتوا على ذلك ، في مناسبات مختلفة . . وهذا جواب ما ذكره من أن ( مثل علي مع صلابته في الدين وبسالته ، وشدة شكيمته وقوة عزيمته وعلو شأنه وكثرة أعوانه وكون أكثر المهاجرين والأنصار والرؤساء الكبار معه قد ترك حقه ، وسلم الأمر لمن لا يستحقه ، من شيخ من بني
[1] تاريخ اليعقوبي 1 / 115 . [2] صحيح البخاري - كتاب المغازي . باب غزوة خيبر صحيح مسلم كتاب الجهاد ، باب قول النبي لا نورث . تاريخ الطبري 2 / 448 الكامل لابن الأثير 2 / 224 . [3] تاريخ الطبري 2 / 444 تاريخ أبي الفداء 1 / 165 الإمامة والسياسة 1 / 13 . [4] الإحتجاج في الشورى رواه علماء الفريقين بكامله أو قطع منه ، ومن رواته من أهل السنة : الدارقطني ، الخوارزمي ، ابن عساكر ، الحمويني ، الكنجي ، ابن حجر المكي ، ابن المغازلي ، المتقي ، وأشار إليه السعد في الكتاب 273 .