في كتب التواريخ ، والمذكور على ألسنة الثقات ، يدل بظاهره على أن بعضهم قد حاد عن طريق الحق ، وبلغ حد الظلم والفسق ، وكان الباعث له الحقد والعناد ، والحسد واللداد ، وطلب الملك والرياسة والميل إلى اللذات والشهوات ، إذ ليس كل صحابي معصوما ، ولا كل من لقي النبي بالخير موسوما ) . فظهر أن حسن الظن بالصحابة لا يكفي جوابا عما إن قيل : ( علموا ذلك وكتموه لأغراض لهم في ذلك ، كحب الرياسة والحقد على علي . . . وحسدهم إياه . . ) . وإن دعوى القطع ببراءة الصحابة عن حب الرياسة والحقد والحسد ومتابعة الهوى . . . عارية عن الدليل ، بل الدليل على خلافها . . وتلخص : إن النص موجود ، وقد علمه القوم ، لكنهم أعرضوا عنه وتركوه وكتموه . . ( وكان الباعث له الحقد والعناد والحسد واللداد وطلب الملك والرياسة . . ) كما قال . . ولعل ذلك هو " الإحداث " الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم واعترف به غير واحد من الأصحاب كعائشة بنت أبي بكر . . فهذا جواب حسن الظن بالصحابة وما ذكره في مدحهم . . وإذا كان أكثرهم كذلك حتى أنه لم يخلص منهم " إلا مثل همل النعم " كما في الحديث ، كان من الطبيعي ترك علي عليه السلام المحاجة معهم بالنص تقية وخوفا على نفسه . . بل لقد هدد بتحريق داره عليه وعلى أهله وبقتله . . بمجرد تخلفه عن البيعة . . كما هو مسطور في كتب التاريخ المعتبرة عند القوم [1] . ثم إنه وقومه وأتباعه كانوا مشغولين بأمر النبي صلى الله عليه وآله ، ولم يكن حاضرا في السقيفة حتى يمنع أو يحتج بالنص على الصحابة ، ولم يفرغ من
[1] تاريخ الطبري 2 / 443 ، الإمامة والسياسة 1 / 13 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 115 ، العقد الفريد 3 / 63 ، مروج الذهب 2 / 308 .