وأيضا ، فلو كان علي عليه السلام أحب إليه في بعض الأشياء كان غيره أحب إليه في البعض الآخر ، وحينئذ لم يكن وجه لأن يرد أنس عليا عليه السلام في كل مرة يأتي إلى الباب قائلا : " رسول الله على حاجة " ثم يعتذر بأنه كان يرجو أن يكون الدعاء لرجل من قومه الأنصار ! وبعد ، فلو كان يتطرق هذه الشبهة فلماذا استدل بالكتاب بإطلاق ( الأتقى ) في قوله تعالى * ( سيجنبها الأتقى ) * ؟ ولماذا استدل بإطلاق ما نسبه إلى النبي من قوله : " خير أمتي . . " ؟ فظهر أن عليا عليه السلام - حسب دلالة هذا الحديث - أحب جميع الخلق إلى الله ورسوله ، وكل من كان أحب الخلق إلى الله ورسوله فهو أفضل من جميعهم عندهما ، وكل من كان كذلك فهو متعين للخلافة عندهما ، فعلي عليه السلام متعين لها عندهما . علي خير الخلق قوله ( 368 ) : ( الثالث : قوله عليه السلام في ذي الثدية ، يقتله خير الخلق ، وفي رواية : خير هذه الأمة ، وقد قتله علي . وأجيب : بأنه ما باشر قتله . . ) . أقول : لا يخفى قبولهما الحديث سندا ، واضطرابهما في الجواب عنه دلالة ، فالماتن ذكر وجهين : أحدهما : بأنه ما باشر قتله فيكون من باشره من أصحابه خيرا منه ، وجوابه ما في كلام الشارح من أن الصواب أن عليا قتله ، والعجب من الماتن كيف يحمل الكلام هنا على المباشرة ولا يحمله فيما ادعاه لأبي بكر عليها ؟ وثانيهما : دعوى أن عموم الحديث مخصوص بالنبي ، فيضعف حينئذ عمومه للباقي . وفيه - مضافا إلى عدم ارتضاء الشارح له - إن الكلام غير شامل