الثالثة : لما ثبت غيبة القائم الحجة المنتظر ( ع ) فلا بد وأن تكون لسبب من الأسباب ( * ) فالسبب في غيبته ( ع ) هو الخوف من الأعداء وإيذائهم ، والخشية من الشر والقتل ، وهذا واقع للأنبياء أيضا ، فقد غاب نبينا محمد ( ص ) من خوف الأعداء في الغار واستتر كما استتر موسى ( ع ) قبله خوفا من أعدائه فقال : ( ففررت منكم لما خفتكم . . . الآية ) [1] ، واستتر إدريس عشرين سنة عن قومه ، ولا فرق في طول مدة الاستتار وقصرها - كما أشرنا إليه سابقا - لأن الكلام في أنه هل يصح أن يكون خوف الأعداء علة للغيبة أم لا ؟ والصحة قد ثبتت ، فإذا جاز ذلك جاز في جميع المواقع . أضف إلى ذلك ، أن الله تبارك وتعالى قد جعل لظهوره علامات وآيات ، وبعضها إلى الآن لم يقع ، فهو ( ع ) قبل وقوع هذه الآيات ممنوع عن الخروج مثلما كان جده النبي ( ص ) ، فإنه مع كونه مبعوثا بالرسالة لم يظهر علنا إلى مدة ثلاث سنوات بل كان يدعو الناس مختفيا كما في ( إنسان العيون ) المعروف ب ( السيرة الحلبية ) 1 / 456 - 457
* أنظر ( تنزيه الأنبياء والأئمة للسيد المرتضى ص 228 ) و ( إعلام الورى للشيخ الطبرسي ص 466 فما بعدها ) وغيرهما من كتب هذا الشأن . [1] سورة الشعراء .