وأَفكارهم . وقد ذكر جمال الدين القاسمي الدمشقي في كتاب « الفضل المبين » قول ابن خلدون الأَندلسي المتوفى 808 ه : « . . . إِنّ الشريعة إِنّما تؤخذ من الكتاب والسنّة ، ومن كان قليل البضاعة من الحديث فيتعيّن عليه طلبه وروايته والجدّ والتشهير في ذلك ليأخذ الدين عن أُصول صحيحة ، ويتلقّى الأَحكام عن صاحبها المبلّغ لها . وإِنّما قلّل منهم من قلّل الرواية ، لأجل المطاعن التي تعترضه فيها ، والعلل التي تَعرض في طرقها ، لا سيما والجرح مقدّم عند الأَكثر ، فيؤدي به الإِجتهاد إِلى ترك الأَخذ بما يعرض مثل ذلك فيه من الأَحاديث وطرق الأَسانيد ، ويكثر ذلك ، فتقلّ روايته لضعف في الطرق . هذا مع أَنّ أَهل الحجاز أكثر روايةً للحديث من أهل العراق ، لأنّ المدينة دار الهجرة ومأوى الصحابة ، ومن انتقل منهم إِلى العراق كان شغلهم في الجهاد أكثر . والإِمام أَبو حنيفة إِنّما قلَّت روايته ، لِما شدَّد في شروط الرواية والتحمّل ، وضعّف رواية الحديث اليقيني إِذا عارضها الفعل النفسي ، وقلّت من أَجلها روايته ، فقلّ حديثه حيث بلغت روايته سبعة عشر حديثاً أَو نحوها . . . » . [1] وقال عبد الرحمن الشرقاوي : « وقد فحص الأَحاديث الموجودة في عصره و كانت عشرات الآلاف فلم يصح في نظره منها الاّ نحو سبعة عشر . [2] وقد ثبت أَنّه قال : ما رأَيت أَفضل من عطاء بن أَبي رباح وعامة ما أَحدثكم به خطأ - وفي رواية الصريفيني : وعامة ما حدَّثكم - وهو وهم [3] . ومكانه عطاء بن أَبي رباح ودرجته في حديث السُّنة أَمر لا يناقش فيه أَحد ، وهو
[1] الفضل المبين على عقد الجوهر الثمين في علوم الحديث ، وهو شرح الأَربعين العجلونية : 18 - 107 ط دار النفائس بيروت . [2] أَئمة الفقه التسعة : 68 . [3] تاريخ مدينة دمشق 40 : 390 .