على مقبض سيفه تهمّ من غيظه أن تغوص فيه . . . . [1] فكل ما وصفه الأَستاذ عبد الفتاح ، هو تقرير النصوص الصريحة التي أَوردها المحدثون وصححها أَرباب الفن وأَئمة الجرح والتعديل ، وبعضها على شرط البخاري ومسلم . [2] فلمَّا رأَى ذلك منهم تغاضى عن حقه المشروع ، وبادر إلى تأييد كلمة الإِسلام بعلومه الزاخرة ، لكيلا يختلفوا ولا يفترقوا . ولا يزال هو ومن كان من أَهل بيته وشيعته من المظلومين منذ قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، يشتدّ عليهم الأَمر عصراً بعد عصر ودوراً بعد دور ، حتى سبّوهم على المنابر وقتلوا أَولادهم وسَبَوا نساءهم ! والموالون في تلك الظروف القاسية يواجهون النكبات والدسائس والدعايات ، وقد صلَّبوهم على جذوع النخيل ، فاستلُّوا أَلسنتهم لما نطقت بفضائل عليّ بن أَبي طالب ( عليه السلام ) ، وسملوا أَعينهم التي رمقته باحترام ، وقطّعوا أيديهم التي أَشارت إِليه بمنقبة ونشروا أَرجلهم التي سعت نحوه بعاطفة ! وكم حرّقوا على أوليائه بيوتهم واجتثّوا نخيلهم ! ثم صلبوهم على جذوعها ، أو طردوهم من عقر ديارهم . ومن يقرأَ تأريخ العهدين : الأَموي والعبّاسي ، وما جرى على العلويين ومواليهم فيهما ، يعلم أَنَّ الحركة السياسية الناشئة من أَبواب الملوك والجبابرة الغاصبين خوفاً من زوال ملكهم تستهدف أَولاً قطع شجرة العلويين ومواليهم ! فهذا المعتز العباسي الذي كان يقول : « إِن ولاّني الله لأَفنينَّ جميع آل أَبي طالب » ! ! [3]
[1] الإِمام علي بن أَبي طالب لعبد الفتاح عبد المقصود 4 : 170 - 172 ط دار مصر القاهرة . [2] أُنظر كتاب « المصنّف » لابن أبي شيبة 7 : 432 رقم 37045 . وابن أبي شيبة هو أبو بكر عبد الله بن محمد بن عثمان العبسي المتوفى 235 ه ، من أَقران أَحمد بن حنبل وشيخ للبخاري هو وأَخوه عثمان ، ومن المكثرين عنهما في صحيحه ، وسيأتي ترجمته في « المتحاملين على أَبي حنيفة » . قال فيه الذَّهبي : الإِمام العلم سيد الحفاظ ، وكان بحراً من بحور العلم ويضرب به المثل في قوة الحفظ . سير أَعلام النبلاء 11 : 122 . [3] تاريخ أَبي الفداء 2 : 29 .