وقولهم : الحيلة في سقوط الكفارة عمَّن أَراد الوطء في رمضان : أَن يتغدَّى ثم يطأ بعد الغذاء ! والحيلة لمن أَرادت أَن تفسخ نكاحها من زوجها : أن تمكِّن ابنه من الوقوع عليها ! ! فهذه الحيل وأَمثالها لا يحلُّ لمسلم أَن يفتي بها في دين الله تعالى ، وقد كَفَّرَ الإِمام أَحمد ، وابن المبارك وغيرهما من استحلَّ الإِفتاء بها ، حتى قالوا : إِنَّ من أَفتى بهذه الحيل فقد قَلَبَ الإِسلام ظهراً لبطن ، ونقض عُرى الإِسلام عروةً عروة ، لأنَّ فيها الإِحتيال على سقوط فرائض الله ، وإِسقاط حقوق المسلمين ، واستحلال ما حرَّم الله من الكفر ، وشهادة الزور ، والزنا ، والربا » . [1] وبعدما رأَيتَ هذه الكلمات من أَحمد بن حنبل ، وابن المبارك وغيرهما في نقل « ابن القيّم » : « إِنَّ من أَفتى بهذه الحيل فقد قَلَبَ الإِسلام ظهراً لبطن ، ونقض عُرى الإِسلام عروةً عروة » . فاعلم أَنّها قد صدرت أَيضاً من البخاري وغيره في أَبي حنيفة فقط ، كما يذكر هو في تاريخه الصغير [ الأَوسط ] ، عن نعيم بن حمّاد ، وسفيان حينما نُعي النعمان ، فقال : « الحمد لله ، كان ينتقض الإِسلام عروةً عروة » . [2] البخاري وكتاب الحيل يؤخذ على البخاري عدم رعايته ترتيب الكتب الفقهية في كتابه الصحيح ، من الطهارة إِلى الديّات وفق ترتيبها الفقهي ، كما هو ديدن الفقهاء والمحدِّثين وحسب أَهميتها في التكاليف ، فلقد أَخذ طريقة يُشَمُّ منها أَنّه كان يسلك مسلكاً جديداً في
[1] أَعلام الموقعين 3 : 126 - 149 . [2] التاريخ الصغير ( الأَوسط ) 2 : 98 رقم 1940 ، الانتفاء لابن عبد البر : ص 149 ، المجروحين لابن حبان 3 : 66 .