الجدل لإقناع الخصم وبطلان نظريته ! أَلا ترى أَنَّه قد أَدخل في كتابه بعضاً من الكتب التي لا تناسب وضع كتاب في صحيح الأَخبار ؟ ! أَنَّ كتاب « الحيل » للبخاري متفرّد بين الكتب الحديثية ولا يُتصور بأنَّ البخاري أَلّفها ليجمع الصحيح من الأَخبار في « الحيل » ، لأنَّها منتفية . وكما يظهر من نفس الكتاب ومن فهم الشرّاح أَنه أَراد الإِستدلال على بطلان الحيل في الردّ على الأَحناف . [1] كما أَنّه افتتحها بقوله : « باب في تَركِ الحِيَل » [2] ، ثم استدل بحديث : « إِنّما الأَعمال بالنيّات » ، ليفسِّر بذلك افتتاحه كتاب الصحيح : بقوله : حدَّثَنا الحُميدي . . . وحديث « الأَعمال بالنِّيات » . وهذه المقارنة في الإِستدلال بالحديث المذكور - مع ما عنونه جديداً وابتدعه في الفروع الفقهية - ليست إِلاّ محاولة إِبطال مذهب أَهل الرأي في فروعهم الفقهية . إِفتتاح كتاب الحيل افتتح البخاري كتاب الحيل ببيان فتواه في اعتبار النِّية ، وأَنَّ لكل امرئ ما نوى في الإيمان وغيره ، ثم تلاه بقوله : « باب في الصلاة » . فقد أَراد بقوله هذا بطلان الحيلة في الصلاة ، فروى فيه حديث : « لا يَقْبَلُ اللهُ صَلاةَ أَحَدِكُمْ إِذا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأ » . [3] فقال بعض شرّاح البخاري : « هذا ردُّ على أَبي حنيفة في قوله : إِنَّ المُحْدِثَ في صلاته يتوضأ ويبني » . [4]
[1] حاشية السندي على البخاري 4 : 202 . [2] صحيح البخاري ، كتاب الحيل . [3] صحيح البخاري 8 : 59 ، كتاب الحيل ط باموق إِستانبول . [4] فتح الباري 12 : 292 .