وقد رأَينا تكبيرة الافتتاح من صلب الصلاة ، لا تجزي الصلاة إِلاّ بإصابتها ، ورأَينا التكبيرة بين السجدتين ليست كذلك ، لأَنَّه لو تركها تارك لم تفسد عليه صلاته ، ورأَينا تكبيرة الركوع وتكبيرة النهوض ليستا من صلب الصلاة ، لأنَّه لو تركها تارك لم تفسد عليه صلاته ، وهما من سنّتها . فهذا هو النظر في هذا الباب ، وهو قول أَبي حنيفة ، وأَبي يوسف ، ومحمد رحمهم الله تعالى » . [1] وتشهد لذلك أَيضاً بشكل واضح قصة أَبي حنيفة مع الأَوزاعي في صورة واضحة من هذه المخاصمة : « فقد اجتمع الأَوزاعي بأبي حنيفة في مكة ، فقال الأَوزاعي : ما بالكم لا ترفعون أَيديكم عند الركوع والرفع عنه ؟ فقال أَبو حنيفة : لم يصح عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في ذلك شيء . فقال الأَوزاعي : كيف ! وقد حدّثني الزُّهري ، عن سالم ، عن أَبيه ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : أَنَّه كان يرفع يديه إِذا افتتح الصلاة ، وعند الركوع وعند الرفع منه ؟ فقال أَبو حنيفة : حدَّثنا حمَّاد ، عن إِبراهيم ، عن علقمة ، والأَسود ، عن ابن مسعود : أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) كانَ لا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلا عِنْدَ افْتِتاحِ الصِّلاةِ ، ولا يَعُودُ لِشَئ مِنْ ذلِكَ ! . فقال الأَوازعي : أَحدّثك عن الزُّهْري ، عن سالم ، وتقول : حدَّثني حمَّاد عن إِبراهيم ؟ ! فقال أَبو حنيفة : كان حمَّاد أَفقه من الزُّهْري ، وكان إِبراهيم أَفقه من سالم ، وعلقمة ليس بدون ابن عمر ، إِن كان لابن عمر صحبته ولَهُ فضل الصحبة ، فالأسود له فضل كثير ، وعبد الله هو عبد الله . فسكت الأوزاعي » . [2]