ثم إِنَّ البخاري أَخذ في الطعن على أَهل الرأي ، فقال : « ولو ثبت عن ابن مسعود والبراء وجابر رضي الله تعالى عنهم ، عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) شيء لكان في علل هؤلاء الذين لا يعلمون أَنَّهم يقولون : إِذا ثبت الشيء عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أَنَّ رؤساءنا لم يأخذوا هذا بمأخوذ ، لما يريدون الحديث للإلغاء برأَيهم ، ولقد قال وكيع : من طلب الحديث كما جاء فهو صاحب بدعة ، يعني أَنَّ الإِنسان ينبغي أَن يلغي رأَيه لحديث النبي ( صلى الله عليه وسلم ) [1] وروى بعد ذلك رواية : « لا يُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتى يَكون هَواهُ تَبَعاً لِما جِئتُ بِه » . وقال فيها أَيضاً : « قال البخاري [2] : من زعم أَنَّ رفع الأَيدي بدعة فقد طعن في أَصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، والسلف من بعدهم ، وأَهل الحجاز ، وأَهل المدينة ، وأَهل مكة ، وعدّة من أَهل العراق ، وأَهل الشام ، وأَهل اليمن ، وعلماء أَهل خراسان منهم ابن المبارك ، حتى شيوخنا : عيسى بن موسى ، وأَبو أَحمد ، وكعب بن سعيد ، والحسن بن جعفر ، ومحمد بن سلام - إِلاّ أَهل الرأي منهم - وعلي بن الحسن ، وعبد الله بن عثمان ، ويحيى بن يحيى ، وصدقة ، وإِسحاق ، وعامة أَصحاب ابن المبارك . وكان الثوري ووكيع وبعض الكوفيين لا يرفعون أَيديهم ، وقد رووا في ذلك أَحاديث كثيرة ، ولم يعتبوا على من رفع يديه ، ولولا أَنّها حق ما رووا في ذلك أَحاديث كثيرة أَو لم يعتبوا على من رفع يديه ، إِنّه ليس لأحد أَن يقول على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ما لم يقل ولم يفعل ، لقول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : « من تقوّل عليَّ ما لم أَقل فليتبوَّأَ مقعده من النار » . ولم يثبت عن أَحد من أَصحاب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أَنّه لا يرفع يديه ، وليس أَسانيده أَصح من رفع الأَيدي » . [3] وفيه أَيضاً : « حدَّثَنا الهذيل بن سليمان أَبو عيسى ، قال : سألت الأَوزاعي قلت : يا أَبا عمرو ! ما تقول في رفع الأَيدي مع كل تكبيرة وهو قائم في الصلاة ؟
[1] قرة العينين برفع اليدين : 55 . [2] يريد به نفسه . [3] قرة العينين برفع اليدين : 55 رقم 168526 - 168527 .