وفي المتن ذكر اسم أَبي حنيفة ومخالفته ، فقال : « ولقد قال ابن المبارك : كنت أَصلّي إِلى جنب النعمان بن ثابت فرفعت يدي ، فقال : أَمَا خشيت أَن تطير ؟ فقلت : إِن لم أَطر في أَوله لم أَطِرْ في الثانية ! قال وكيع : رحمة الله على ابن المبارك كان حاضر الجواب » . [1] وقيل : « إِنَّ البخاري في هذه الرسالة ردَّ على غير أَبي حنيفة » . وهي مغالطة لا تصمد أَمام البحث العلمي . فنحن ومن يبحث في الحقائق لا نحتاج إِلى التأويلات الواهية غير الصحيحة في مقابل النصوص الظاهرة الغنيّة عن التفسير والتأويل ، ونقول : إِنَّ المعاصر أَو المعاصرين للبخاري من الحنفية المانعين من رفع الأَيدي في الصلاة هم المقلّدة من أَتباع أبي حنيفة . ولا يصح للفقيه أن ينازع المقلّدة لفقيه آخر . وكلمات البخاري في مقدمة الكتاب ظاهرة في أَنّه يخاطب إِماماً من أَئمّة الحنفية لا غيرهم من المقلدة ، مع ما ترى في هذه الرسالة من أَنَّ البخاري يذكر اسم أَبي حنيفة صراحة ، ويذكر مخالفته في رفع اليدين في الصلاة . نظرية الحنفية في رفع اليدين تصرّح الحنفية في كتبهم الفقهية عند البحث في رفع اليدين بالطعن على البخاري والإِشارة إِلى الرسالة المذكورة له . وهذه بعض آرائهم : قال الطحاوي بعد ذكر الأَخبار في ذلك : « فما نرى كشف هذه الآثار يوجب لما وقف على حقائقها وكشف مخارجها إِلاّ ترك الرفع في الركوع » . ثم قال : « فما أَردت بشيء من ذلك تضعيف أَحد من أَهل العلم ، وما هكذا مذهبي ، ولكن أَردت بيان ظلم الخصم لنا .