الثامن عشر : في الغصب قال البخاري : « بابُ إِذا غَصَبَ جارِيَةً فَزَعَمَ أَنَّها ماتَتْ ، فَقُضِيَ بِقَيْمَةِ الْجارِيَةِ الْمَيِّتَةِ ، ثُمَّ وَجَدَها صاحِبُها ، فهي لَهُ وَتُرَدُّ القيمَةُ ، وَلا تَكُونُ القيْمَةُ ثَمَنَاً . وَقالَ بَعْضُ الْنّاسِ : الْجارِيَةُ لِلْغاصِبِ ، لأِخْذِهِ الْقيمَةَ . وَفي هذا احْتِيالٌ لِمَنِ اشْتَهى جارِيَةَ رَجُل لا يَبيعُها ، فَغَصَبَها وَاعْتَلَّ بأنَّها ماتَتْ حَتّى يأخُذَ رَبُّها قيمَتَها ، فَيَطيبُ لِلغاصِبِ جارِيَةُ غِيْرِهِ ، قَالَ النَّبي ( صلى الله عليه وسلم ) « أَمْوالُكُمْ عَلَيْكُمْ حَرامٌ » و « لِكُلِّ غَادِر لِواءٌ يَومَ القِيامَةِ » . [1] بيان البخاري : إِنّه أَراد بهذا الفرع أَنَّ المغصوب لا يصلح أن يكون ملكاً للغير ، بل إِنَّه باق على ملك المغصوب منه ، ففي المثال : أَنَّ الجارية المغصُوبة باقية على ملك المغصوب منه . والجمهور على وجوب ردّ المغصوب إِلى صاحبه ، لأنَّ الغصب عدوان محض ، فلا يصلح سبباً للملك ، وقد حرَّم الله أَموال المؤمنين إِلاّ عن طيب أَنفسهم . والقيمة إِنّما وجبت بناءً على صدق دعوى الغاصب : أَنَّ الجارية ماتت ، فلمَّا تبيَّن أَنَّها لم تمت وجب أَن تكون باقية على ملك المغصوب منه ، لأنَّه لم يَجر بين المالك والغاصب عقد صحيح يوجب الملك ، فوجب أَن تُرَدَّ إِلى صاحبها [2] رأي الحنفية : الأَحناف يرون أَنَّ الجارية المغصوبة تكون للغاصب ، لأَنَّ المالك أخذ القيمة ، ولذلك يصح لمن يريد جارية رجل - وهولا يبيعها - أَن يَغصبها أَولاً ، ثم يعتلّ بأنَّها ماتت حتى يأخذ ربُّها قيمتها ، فيطيب للغاصب جارية غيره ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « أَمْوالُكُمْ
[1] صحيح البخاري ، كتاب الحيل ، باب : إِذا غصب جارية - الجزء الثامن 8 : 62 ط باموق إِستانبول . [2] انظر « الهداية » 4 : 14 ، فتح الباري 12 : 299 .