بالدَّين والإِقرار بالودعية وغيرها ، لأنَّ مبنى الإِقرار بالدين على اللزوم ، ومبنى الإِقرار بغيره من الأَمور المذكورة على الأَمانة . وبين اللزوم والأَمانة فرق عظيم : يريدون باللزوم : أَنّه يلزم أداؤه وضمانه ، وأمّا بالأمانة : فلا يلزم فيها الضمان . ويرى البخاري أَبا حنيفة في هذه المسألة يعمل بالظن ولا يجيز إِقرار المريض بالدَّين ، ومع هذا يستحسن ويجوّز الإِقرار بالوديعة والبضاعة والمضاربة ، مع أَنّه في الظاهر ليس بينهما فرق . ويحتجّ في ذلك بقوله : وقد قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : « إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ، فَإنَّ الظَّنَ أَكْذَبُ الحَدِيثِ » . مع أَنَّ الاحتجاج بهذا إِنّما يتم لو كان العموم أو الإِطلاق باقياً ، بعد ورود المخصص في قوله تعالى : ( إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) [1] ، فهو يدل بمفهومه على أَنَّ كل ظن ليس إِثماً ، فيكون على ذلك أَنّ ظنَّ السوء الفاسد إِثم ، لا الجميع من أفراد الظنون ، وهو ما كان للإحتراس ودفع الضرر عن الناس ، فإنَّه غير منهي عنه ، بل مأمور به ومطلوب منه ، بدليل قوله : « إِحْتَرِسُوا مِنَ النّاسِ بِسُوءِ الظَّن » . السادس : في اللِّعان قال البخاري في باب اللِّعان : « وَقَولُ اللهِ تَعالى : ( وَالَّذينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُم وَلَم يَكُنْ لَهُم شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُم ) . . . إِلى قوله : ( إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقيْنَ ) [2] ، فَإذا قَذَفَ الأَخْرَسُ امْرَأَتَهُ بِكِتابَة أَو إِشارَة أَو بِإيْماء مَعْرُوف ، فَهُو كَالمتُكَلِّمِ ، لإَنَّ النَّبي ( صلى الله عليه وسلم ) قَدْ أَجازَ الإِشارَةَ