عودة نظرية أهل الحديث في ثوب جديد لقد عادت نظرية أهل الحديث في العصر الحاضر . بشكل جديد وهو أن التحقيق في المسائل الإلهية لا يمكن إلا من خلال مطالعة الطبيعة . قال محمد فريد جدي : " بما أن خصومنا يعتمدون على الفلسفة الحسية والعلم الطبيعي في الدعوة إلى مذهبهم فنجعلها عمدتنا في هذه المباحث بل لا مناص لنا من الاعتماد عليهما ، لأنها اللذان أوصلا الإنسان إلى هذه المنصة من العهد الروحاني " [1] . وقال السيد أبو الحسن الندوي : " قد كان الأنبياء ( عليهم السلام ) أخبروا الناس عن ذات الله وصفاته وأفعاله ، وعن بداية هذا العالم ومصيره وما يهجم على الإنسان بعد موته وآتاهم علم ذلك كله بواسطتهم عفوا بلا تعب ، وكفوهم مؤنة البحث والفحص في علوم ليس عندهم مبادؤها ولا مقدماتها التي يبنون عليها بحثهم ليتوصلوا إلى مجهول ، لأن هذه العلوم وراء الحس والطبيعة ، لا تعمل فيها حواسهم ، ولا يؤدي إليها نظرهم وليست عندهم معلوماتها الأولية . . إلى أن قال . . الذين خاضوا في الإلهيات من غير بصيرة وعلى غير هدى جاؤوا في هذا العلم بآراء فجة ومعلومات ناقصة وخواطر سانحة ونظريات مستعجلة ، فضلوا وأضلوا " [2] . أقول : لا شك أن القرآن يدعو إلى مطالعة الطبيعة ، كما مر . إلا أن الكلام هو في مدى كفاية النظر في الطبيعة ودراستها في البرهنة على المسائل التي طرحها القرآن الكريم مثل قوله سبحانه : * ( ليس كمثله شئ ) * [3] .
[1] على أطلال المذهب المادي ، ج 1 ، ص 16 . [2] ماذا خسر العالم ، ص 97 . [3] سورة الشورى : الآية 11 .