أخرى إلى المخلوق ولا تصح النسبتان إلا على هذا المبنى ، ونشير إلى القليل منها : قال سبحانه : * ( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة ) * [1] . وقال أيضا : * ( ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون ) * [2] . ففي هاتين الآيتين ينسب القسوة إلى نفس اليهود وكأنهم صاروا هم السبب لعروض هذه الحالة إلى قلوبهم بشهادة أن الآيتين في مقام الذم واللوم ، فلو لم يكن هناك سببية من جانبهم لما صح العقاب . وفي الوقت نفسه يعرف فاعل هذه الحالة الطارئة بأنه هو الله تعالى ويقول : * ( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية ) * [3] . هذه هي الآيات التي تستظهر منها نظرية الأمر بين الأمرين بوضوح ، ولكن الاستدلال بالآيات لا ينحصر بما ذكر . هناك مجموعة من الآيات تعرف الإنسان بأنه فاعل مختار في مجال أفعاله ، وهي كثيرة أوعزنا إلى كثير منها فيما سبق . فمنها قوله سبحانه : * ( من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد ) * [4] . ومنها قوله سبحانه : * ( كل امرئ بما كسب رهين ) * [5] . ومنها قوله سبحانه : * ( لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم ) * [6] . ومنها قوله سبحانه : * ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى * وأن سعيه
[1] سورة البقرة : الآية 74 . [2] سورة الأنعام : الآية 43 . [3] سورة المائدة : الآية 13 . [4] سورة السجدة : الآية 49 . [5] سورة الطور : الآية 19 . [6] سورة النور : الآية 11 .