واحدا إلى المؤمنين وخالقهم . ولا تصح تينك النسبتين إلا على هذا المنهج ، وإلا ففي منهج الجبر لا تصح النسبة إلا إليه سبحانه ، وفي منهج التفويض على العكس ، والمنهج الذي يصحح كلتا النسبتين هو منهج الأمر بين الأمرين ، على البيان الماضي . قال الرازي الأشعري المذهب : " احتج أصحابنا على قولهم بأن فعل العبد مخلوق لله تعالى بقوله : * ( يعذبهم الله بأيديكم ) * ، فإن المراد من هذا التعذيب القتل والأسر . وظاهر النص يدل على أن ذلك القتل والأسر فعل الله تعالى ، إلا أنه تعالى يدخله في عالم الوجود على أيدي العباد وهو صريح قولنا ومذهبنا " [1] . يلاحظ عليه : أن الآية ليست بصريحة ولا ظاهرة في الدلالة على مذهب الأشاعرة ، فإن مذهبهم إن العباد بمنزلة الآلات المحضة بل أدون منها حيث لا تأثير لإرادتهم وقدرتهم ، وهي قابلة للانطباق على مذهب العدلية ، بمعنى أنه سبحانه ينفذ إرادته من طريق إرادة المؤمنين لكونهم خاضعين له كخضوع العبد للمولى والمأمور للآمر . وقد شاع قولهم في التمثيل ب " فتح الأمير المدينة " ، مع أن الفاتح هو الجيش ، لكن بأمر الأمير . ثم إن الجبائي من المعتزلة أجاب عن استدلال الأشاعرة بأنه لو صح أن يقال : إنه يعذب المؤمنين بأيدي الكافرين لجاز أن يقال إنه يكذب أنبياءه بألسنتهم ، ويلعن المؤمنين ويسبهم بأفواههم ، لأن المفروض أن الله خالق لذلك كله في كلا الجانبين . والعجب أن الرازي قال في جواب الجبائي : " وأجاب أصحابنا عنه فقالوا أما الذي ألزمتموه علينا فالأمر كذلك إلا أنا لا نقوله باللسان " ! [2] . 3 - هناك آيات نسب الفعل الواحد في آية منها إلى الله سبحانه وفي
[1] مفاتيح الغيب ، ج 4 ، ص 418 ، الطبعة الأولى 1308 . [2] مفاتيح الغيب ، ج 4 ، ص 418 ، الطبعة الأولى 1308 .