معصيتي ، جعلتك سميعا بصيرا قويا " [1] . الحديث . والبرهان العقلي وآيات الذكر الحكيم وأحاديث العترة الطاهرة أثبتت سعة إرادته ، وإنما الكلام في أن القول بسعة الإرادة لا ينافي اختيار العبد وحريته ، وهذا يبين في الجهة التالية : الجهة الرابعة - في أن سعة إرادته لأفعال الإنسان لا يستلزم الجبر ، وذلك لأن إرادته لم تتعلق على صدور فعل الإنسان منه سبحانه مباشرة وبلا واسطة ، بل تعلقت على صدور كل فعل من علته بالخصوصيات التي اكتنفتها . مثلا تعلقت إرادته سبحانه على أن تكون النار مبدأ للحرارة بلا شعور وإرادة ، كما تعلقت إرادته على صدور الرعشة من المرتعش مع العلم ولكن لا بإرادة واختيار ، وهكذا تعلقت إرادته في مجال الأفعال الاختيارية للإنسان على صدورها منه مع الخصوصيات الموجودة فيه المكتنفة به من العلم والاختيار وسائر الأمور النفسانية . وصفحة الوجود الإمكاني مليئة بالأسباب والمسببات المنتهية إليه سبحانه فمثل هذه الإرادة المتعلقة على صدور فعل الإنسان منه بقدرته المحدثة واختياره الفطري تؤكد الاختيار ولا تسلبه منه . ومع ذلك كله ليس فعل الإنسان فعلا أجنبيا عنه سبحانه غير مربوط به ، كيف وهو بحوله وقوته يقوم ويقعد ويتحرك ويسكن . ففعل الإنسان مع كونه فعله بالحقيقة دون المجاز ، فعل الله أيضا بالحقيقة فكل حول يفعل به الإنسان فهو حوله ، وكل قوة يعمل بها فهي قوته . قال العلامة الطباطبائي : " إن الإرادة الإلهية تعلقت بالفعل بجميع شؤونه وخصوصياته الوجودية ، ومنها ارتباطه بعلله وشرائط وجوده ، وبعبارة أخرى تعلقت الإرادة الإلهية بالفعل الصادر من زيد مثلا لا مطلقا ، بل من
[1] التوحيد ، باب المشيئة والإرادة ، الحديث 6 ، ص 338 . ونظيره الحديث 10 و 13 .