حيث أنه فعل اختياري صادر من فاعل كذا ، في زمان كذا . فإذن تأثير الإرادة الإلهية في الفعل يوجب كونه اختياريا وإلا تخلف متعلق الإرادة عنها . فالإرادة الإلهية في طول إرادة الإنسان وليست في عرضها حتى تتزاحما ويلزم من تأثير الإرادة الإلهية بطلان تأثير الإرادة الإنسانية . فخطأ المجبرة في عدم تمييزهم كيفية تعلق الإرادة الإلهية بالفعل وعدم تفريقهم بين الإرادتين الطوليتين والإرادتين العرضيتين ، وحكمهم ببطلان تأثير إرادة العبد في الفعل لتعلق إرادة الله تعالى به " [1] . الجهة الخامسة في تفسير ما استدل به شيخنا المفيد من الآيات على خروج أفعال العباد عن حيطة إرادته سبحانه . إستدل القائلون بعدم سعة إرادته بآيات مثل قوله تعالى : * ( وما الله يريد ظلما للعباد ) * [2] . وقوله : * ( ولا يرضى لعباده الكفر ) * [3] وقوله : * ( والله لا يحب الفساد ) * [4] وغير ذلك مما استند إليه شيخنا المفيد في تصحيح الاعتقاد [5] . يلاحظ عليه أولا : إن من المحتمل أن تكون الإرادة في المقام إرادة تشريعية لا تكوينية ، ومن المعلوم أن التشريعي من الإرادة ، لا يتعلق إلا بما فيه الصلاح ، وتتجلى بصورة الأمر بالمصالح والنهي عن المفاسد ، فلا يأمر بالظلم والفحشاء ، قال سبحانه : * ( قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون ) * [6] .
[1] الميزان ، ج 1 ، ص 99 - 100 ، طبعة بيروت . [2] سورة غافر : الآية 31 . [3] سورة الزمر : الآية 7 . [4] سورة البقرة : الآية 205 . [5] تصحيح الاعتقاد ، ص 16 - 18 . [6] سورة الأعراف : الآية 28 .