القرآن وخلق الأعمال قد عرفت الأدلة العقلية التي أقامتها الأشاعرة على مسألة خلق أعمال العباد بقدرة العباد وحدها ، ولكن للقوم أدلة سمعية نشير إلى بعضها . فقد استدل الشيخ الأشعري عليها في كتاب ( الإبانة ) بآيتين : الآية الأولى : قوله سبحانه : * ( أتعبدون ما تنحتون * والله خلقكم وما تعملون ) * [1] . يلاحظ على الاستدلال أمران : أ إن الاستدلال مبني على كون " ما " في كلامه سبحانه ، مصدرية وإن معنى الآية : " والله خلقكم وعملكم " . ولكن الظاهر أن " ما " موصولة بقرينة قوله * ( أتعبدون ما تنحتون ) * ، والمراد من الموصول هناك الأصنام والأوثان ، ووحدة السياق تقتضي كون " ما " في الآية الثانية موصولة أيضا ، فيكون معنى الآية : " أتعبدون الأصنام التي تنحتونها والله خلقكم أيها العبدة والأصنام التي تعملونها " . وتتم الحجة على المشركين بأنهم ومعبوداتهم مخلوقات الله سبحانه ، فلا وجه لترك عبادة الخالق وعبادة المخلوق . وأما إذا قلنا بكون " ما " مصدرية ، فتفقد الآية الثانية صلتها بالأولى ويكون مفاد الآيتين : " أتعبدون الأصنام التي تنحتونها والله خلقكم أيها العبدة وخلق أعمالكم وأفعالكم " ، والحال أنه ليس لعملهم صلة بعبادة ما ينحتونه . ب إنه لو كانت " ما " مصدرية لتمت الحجة على غير صالح الخليل ولانقلبت عليه ، إذ عندئذ ينفتح لهم باب العذر بحجة أنه لو كان الله سبحانه هو الخالق لأعمالنا فلماذا توبخنا وتنددنا بعبادتنا إياهم . الآية الثانية : قوله سبحانه : * ( هل من خالق غير الله يرزقكم من