فالأفعال المتعددة الواردة في هذه الآية أعني قوله : " يزجي " ، " يؤلف " ، " يجعل " ، " يخرج " ، " ينزل " تكشف عن كونه كل يوم هو في شأن وأن أمر الخلق والإيجاد والتصرف بعد مستمر ولم يفرغ منه سبحانه كما تدعيه اليهود . وقد حكى سبحانه عقيدة اليهود بقوله : * ( وقالت اليهود يد الله مغلولة ، غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم . . ) * [1] . فقول اليهود : * ( يد الله مغلولة ) * يعكس عقيدتهم الكلية في حق الله سبحانه ، وأنه مسلوب الإرادة تجاه كل ما كتب وقدر وبالنتيجة عدم قدرته على الإنفاق زيادة على ما قدر وقضى . فرد الله سبحانه عليهم بإبطال تلك العقيدة أولا بقوله : * ( غلت أيديهم ) * . وثانيا بقوله : * ( بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) * . ولأجل ذلك فسر الإمام الصادق الآية المذكورة بقوله : " إن اليهود قالوا : قد فرغ من الأمر فلا يزيد ولا ينقص . فقال الله جل جلاله تكذيبا لقولهم : * ( غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) * [2] . إلى هنا تبين أن القول بتغيير المصير بالأعمال الصالحة والطالحة يوافق الكتاب والسنة . والقول بأن المقدر لا يتغير وأن الله فرغ من الأمر يوافق قول اليهود . والعجب أن بعض العقائد اليهودية تسربت إلى المجتمعات الإسلامية في بعض الفترات ، فهذا عبد الله بن طاهر دعى الحسين بن فضل وقال له : أشكلت علي ثلاث آيات دعوتك لتكشفها لي . . . قوله تعالى : * ( كل يوم هو في شأن ) * وقد صح أن القلم قد جف بما هو كائن إلى يوم القيامة .
[1] سورة المائدة : الآية 64 . [2] التوحيد ، باب معنى قوله عز وجل * ( وقالت اليهود ) * ، الحديث الأول ، ص 167 .