المراد هو الثاني دون الأول ، وتثبت بأن المقصود بيان قيامه بتدبير الأمر قياما ينبسط على كل ما دق وجل ، وأنه سبحانه كما هو الخالق فهو المدبر أيضا . وقد استعان لتبيين سعة تدبيره الذي لا يقف على حقيقته أحد بتشبيه المعقول بالمحسوس وهو تدبير الملوك والسلاطين ملكهم متكئين على عروشهم والوزراء محيطون بهم . غير أن تدبيرهم تدبير تشريعي وتقنيني وتدبيره سبحانه تدبير تكويني . ويدل على أن المراد هو ذلك أمران : الأمر الأول : إنه سبحانه قد أتى بذكر التدبير في كثير من الآيات بعد القول باستيلائه على العرش . فذكر لفظ التدبير تارة ، ومصداقه وحقيقته أخرى . أما ما جاء فيه التدبير بلفظه ، فقوله سبحانه : أ * ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ، يدبر الأمر ، ما من شفيع إلا من بعد إذنه ، ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون ) * [1] . ب * ( الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ، ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون ) * [2] . ج * ( الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ، ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تذكرون * يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ) * ( 3 ) .
[1] سورة يونس : الآية 3 . [2] سورة الرعد : الآية 2 . سورة السجدة : الآيتان 4 - 5 .