ففي الآية الأولى يرتب سبحانه التدبير على قوله : * ( ثم استوى على العرش ) * ليكون المعنى " استوى على عرش التدبير " . كما أنه في الآية الثانية بعد ما يذكر قسما من التدبير وهو تسخير الشمس والقمر يعطي ضابطة كلية لأمر التدبير ويقول : * ( ويدبر الأمر ) * . وعلى غرار الآية الأولى ، الآية الثالثة . وأما ما جاءت فيه الإشارة إلى حقيقة التدبير من دون تسميته فمثل قوله سبحانه : * ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ، ألا له الخلق والأمر ، تبارك الله رب العالمين ) * [1] . فقوله : * ( يغشي الليل النهار ) * الآية إشارة إلى حقيقة التدبير وبيان نماذج منه ، ثم أتبعه ببيان ضابطة كلية وقال : * ( ألا له الخلق والأمر ) * أي إليه يرجع الخلق والإيجاد وأمر التدبير . وقس على هاتين الطائفتين سائر الآيات . ففي الكل إلماع إلى أمر التدبير إما بلفظه أو ببيان مصاديقه ، حتى قوله سبحانه : * ( فإذ نفخ في الصور نفخة واحدة * وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة * فيومئذ وقعت الواقعة * وانشقت السماء فهي يومئذ واهية * والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية * يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ) * [2] . فالعرش في هذه الآية هو عرش التدبير وإدارة شؤون الملك يوم لا ملك إلا ملكه . قال تعالى : * ( لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ) * [3] . وقال سبحانه : * ( وله الملك يوم ينفخ في الصور ) * [4] .
[1] سورة الأعراف : الآية 54 . [2] سورة الحاقة : الآيات 13 - 18 . [3] سورة غافر : الآية 16 . [4] سورة الأنعام : الآية 72 .