الطغيان بإحساس الغنى ، إذ يقول عز وجل : * ( إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى ) * [1] . ولأجل هذا يعلل القرآن الكريم بعض النوازل والمصائب بأنها تنزل لأجل الذكرى والرجوع إلى الله ، يقول سبحانه : * ( وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون ) * [2] . ويقول أيضا : * ( ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون ) * [3] . هكذا تكون البلايا والمصائب سببا ليقظة الإنسان وتذكرة له ، فهي بمثابة صفع الطبيب وجه المريض المبنج لإيقاظه ، الذي لولا صفعته لانقطعت حياة المريض . فقد خرجنا بهذه النتيجة وهي أن التكامل الأخلاقي رهن المحن والمصائب ، كما أن التفتح العقلي رهن البلايا والنوازل . والإنسان الواعي يتخذها وسيلة للتخلي عن الغرور ، كما يتخذها سلما للرقي إلى مدارج الكمال العلمي ، وقد لا يستفيد منها شيئا فيعدها مصيبة وكارثة في الحياة . ج - البلايا سبب للعودة إلى الحق إن للكون هدفا ، كما أن لخلق الإنسان هدفا كذلك ، وليس الهدف من خلقة الإنسان إلا أن يتكامل ويصل إلى ما يمكن الوصول إليه . وليس الهدف من بعث الأنبياء وإنزال الكتب إلا تحقيق هذه الغاية السامية . ولما كانت المعاصي والذنوب من أكبر الأسباب التي توجب بعد الإنسان عن الهدف الذي خلق من أجله ، وتعرقل مسيرة تكامله ، كانت البلايا
[1] سورة العلق : الآية 6 - 7 . [2] سورة الأعراف : الآية : 94 . [3] سورة الأعراف : الآية 130 .