والمصائب فيدفعان إلى المجتمع أولادا أرسخ من الجبال في مهب العواصف . قال الإمام علي بن أبي طالب " ألا إن الشجرة البرية أصلب عودا ، والروائع الخضرة أرق جلودا ، والنباتات البدوية أقوى وقودا وأبطأ خمودا " [1] . وإلى هذه الحقيقة يشير قوله سبحانه : * ( فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) * [2] . وقوله تعالى : * ( فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا ) * [3] . وقوله تعالى : * ( فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب ) * [4] أي تعرض للنصب والتعب بالإقدام على العمل والسعي والجهد بعد ما فرغت من العبادة ، وكأن النصر والمحنة حليفان لا ينفصلان وأخوان لا يفترقان . ب - المصائب والبلايا جرس إنذار إن التمتع بالمواهب المادية والاستغراق في اللذائذ والشهوات يوجب غفلة كبرى عن القيم الأخلاقية ، وكلما ازداد الإنسان توغلا في اللذائذ والنعم ، ازداد ابتعادا عن الجوانب المعنوية . وهذه حقيقة يلمسها كل إنسان في حياته وحياة غيره ، ويقف عليها في صفحات التاريخ . فإذن لا بد لانتباه الإنسان من هذه الغفلة من هزة وجرس إنذار يذكره ويوقظ فطرته وينبهه من غفلته . وليس هناك ما هو أنفع في هذا المجال من بعض الحوادث التي تقطع نظام الحياة الناعمة بشئ من المزعجات حتى يدرك عجزه ويتخلى عن غروره ويخفف من طغيانه . ونحن نجد في الكتاب العزيز التصريح بصلة
[1] نهج البلاغة الخطبة 45 . [2] سورة النساء : الآية 19 . [3] سورة الانشراح : الآية 5 - 6 . [4] سورة الانشراح : الآية 7 - 8 .