إزاحة الغرور والغفلة عن الضمائر والعقول ثانيا . ولأجل هذه الفوائد صح إيجادها ، سواء قلنا بأن الشر موجود بالذات ، كما عليه المعترض ، أو موجود بالعرض ، كما حققناه . وإليك فيما يلي توضيح هذه الآثار واحدة بعد الأخرى . أ - المصائب وسيلة لتفجير الطاقات إن البلايا والمصائب خير وسيلة لتفجير الطاقات وتقدم العلوم ورقي الحياة البشرية ، فها هم علماء الحضارة يصرحون بأن أكثر الحضارات لم تزدهر إلا في أجواء الحروب والصراعات والمنافسات حيث كان الناس يلجأون فيها إلى استحداث وسائل الدفاع في مواجهة الأعداء المهاجمين ، أو إصلاح ما خربته الحروب من دمار وخراب . ففي مثل هذه الظروف تتحرك القابليات بجبران ما فات ، وتتميم ما نقص ، وتهيئة ما يلزم . وفي المثل السائر : " الحاجة أم الاختراع " . وبعبارة واضحة : إذا لم يتعرض الإنسان للمشاكل في حياته فإن طاقاته ستبقى جامدة هامدة لا تنمو ولا تتفتح ، بل نمو تلك المواهب وخروج الطاقات من القوة إلى الفعلية ، رهن وقوع الإنسان في مهب المصائب والشدائد . نعم ، لا ندعي بأن جميع النتائج الكبيرة توجد في الكوارث وإنما ندعي أن عروضها يهئ أرضية صالحة للإنسان للخروج عن الكسل . ولأجل ذلك ، نرى أن الوالدين الذين يعمدان إلى إبعاد أولادهما عن الصعوبات والشدائد لا يدفعان إلى المجتمع إلا أطفالا يهتزون لكل ريح كالنبتة الغضة أمام كل نسيم . وأما اللذان ينشئان أولادهما في أجواء الحياة المحفوفة بالمشاكل