ولكن - لأجل أن يتلقى الراوي مفهوما صحيحا عن الإرادة يناسب مستوى عقليته فسر الإمام الإرادة ، بالإرادة الفعلية ، فقال : " فإرادة الله الفعل لا غير ذلك ، يقول له كن فيكون . . " . فمع ملاحظة هذه الجهات لا يصح لنا أن نقول إن الإمام بصدد نفي كون الإرادة من صفات الذات ، حتى بالمعنى المناسب لساحة قدسه سبحانه . 3 - روى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : " المشيئة محدثة " [1] . والهدف من توصيف مشيئته سبحانه بالحدوث هو إبعاد ذهن الراوي عن تفسيرها بالعزم على الفعل وجعلها وصفا للذات ، فإن تفسير الإرادة بهذا المعنى لا يخلو عن مفاسد ، منها كون المراد قديما . فلأجل ذلك فسر الإمام الإرادة بأحد معنييها وهو الإرادة في مقام الفعل وقال : " المشيئة محدثة " ، كناية عن حدوث فعله وعدم قدمه . وبذلك تقدر على تفسير ما ورد حول الإرادة من الروايات التي تركز على كونها وصفا لفعله سبحانه [2] . ثم إن هاهنا أسئلة حول كون إرادته سبحانه من صفاته الذاتية ، وأنت بعد الإحاطة بما ذكرنا تقدر على الإجابة عنها . وإليك بعض تلك الأسئلة : 1 - إن الميزان في تمييز الصفات الذاتية عن الصفات الفعلية - كما ذكره الشيخ الكليني في ذيل باب الإرادة - هو أن الأولى لا تدخل في إطار النفي والإثبات بل تكون أحادية التعلق ، فلا يقال إن الله يعلم ولا يعلم ، بخلاف الثانية فإنها تقع تحت دائرة النفي والإثبات فيقال إن الله يعطي ولا يعطى . فعلى ضوء هذا ، يجب أن تكون الإرادة من صفات الفعل إذ هي مما يتوارد عليها النفي والإثبات . يقول سبحانه : * ( يريد الله بكم اليسر ولا
[1] الكافي ، ج 1 ، باب الإرادة ، الحديث 7 . [2] لاحظ الكافي ، لثقة الإسلام الكليني ، ج 1 ، ص 109 - 111 .