بمعنى العزم على الفعل الذي لا ينفك غالبا عن الفعل . فأراد الإمام هدايته إلى أن الإرادة بهذا المعنى لا يمكن أن تكون من أوصافه الذاتية ، لأنه يستلزم قدم المراد أو حدوث المريد . ولأجل أن يتلقى الراوي معنى صحيحا للإرادة ، يناسب مستوى تفكيره ، فسر ( عليه السلام ) الإرادة بالمعنى الذي يجري عليه سبحانه في مقام الفعل وقال : " لم يزل الله عالما قادرا ثم أراد " أي ثم خلق . ولكن ما جاءت به الرواية لا ينفي أن تكون الإرادة من أوصافه الذاتية بشكل لا يستلزم قدم المراد ، وهو كونه سبحانه مختارا بالذات غير مضطر ولا مجبور . وبذلك ظهر أن لإرادته سبحانه مرحلتان كعلمه ، ولكل تفسيره الخاص . 2 - روى صفوان بن يحيى قال : قلت لأبي الحسن ( عليه السلام ) : " أخبرني عن الإرادة من الله ، ومن الخلق " . قال : فقال ( عليه السلام ) : " الإرادة من الخلق الضمير ، وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل وأما من الله تعالى فإرادته إحداثه لا غير ذلك ، لأنه لا يروي ولا يهم ولا يتفكر ، وهذه الصفات منفية عنه ، وهي صفات الخلق . فإرادة الله الفعل لا غير ذلك ، يقول له كن فيكون بلا لفظ ، ولا نطق بلسان ، ولا همة ، ولا تفكر ، ولا كيف لذلك ، كما أنه لا كيف له " [1] . وهذه الرواية تتحد مع سابقتها في التفسير والتحليل ، فالإرادة التي كان البحث يدور عليها بين الإمام والراوي هي الإرادة بمعنى " الضمير وما يبدو للمريد بعد الضمير من الفعل " . ومن المعلوم أن الإرادة بهذا المعنى سمة الحدوث ، وآية الإمكان ، ولا يصح توصيفه سبحانه به . ولأجل ذلك ركز الإمام على نفيها بهذا المعنى عن الباري ، فقال : " لأنه لا يروي ولا يهم ولا يتفكر " .