< فهرس الموضوعات > برهان آخر < / فهرس الموضوعات > < فهرس الموضوعات > سعة قدرته سبحانه بمعنى آخر < / فهرس الموضوعات > الأشياء قريبة إليه دون بعضها الآخر ، كالإنسان الذي يعيش في مكان وزمان خاص . فإن الأشياء الغابرة أو المستقبلة خارجة عن حوزة قدرته ، لمحدودية ذاته بالقيود الزمانية والمكانية . وأما المجرد التام الخالق لكل الأزمنة والأمكنة والجواهر والأعراض فلا معنى لأن تكون ذاته قريبة إلى واحد وبعيدة عن الآخر . هذا توضيح ذلك البرهان . وهناك برهان آخر أروع وأبهى مما ذكر يبتنى على عدم تناهي ذاته سبحانه في الجمال والكمال وحاصله أن وجوده سبحانه غير محدود ولا متناه ، بمعنى أنه وجود مطلق لا يحده شئ من الحدود العقلية والخارجية . وما هو غير متناه في الوجود ، غير متناه في الكمال والجمال ، لأن منبع الكمال هو الوجود ، فعدم التناهي في جانب الوجود يلازم عدمه في جانب الكمال ، وأي كمال أروع وأبهى من القدرة فهي غير متناهية تبعا لعدم تناهي كماله ، فيثبت سعة قدرته لكل ممكن بالذات . سعة قدرته سبحانه بمعنى آخر إن لسعة قدرته سبحانه معنيين أحدهما ما تعرفت عليه ، والثاني ما طرحه الحكماء في كتبهم . وحاصله أن الظواهر الكونية ، مجردها وماديها ، ذاتها وفعلها ، تنتهي إلى قدرته سبحانه . فكما أنه لا شريك له في ذاته ، لا شريك له في فاعليته . فكل ما يطلق عليه كلمة الموجود فهو مخلوق لله سبحانه مباشرة أو على نحو الأسباب والمسببات ، فالكل يستند إليه لا محالة . وهذا هو التوحيد في الخالقية الذي سنشرحه عند البحث في الصفات السلبية . والمخالف لهذا المعنى من سعة القدرة هم الثنوية الذين جعلوا فاعل الخير غير فاعل الشر ، وعامة المعتزلة الذين صيروا الإنسان فاعلا مستقلا في