الحكمة ( 1 ) الحكيم : المتقن فعله قد عرفت أن الحكيم يطلق على الفاعل الذي يعمل بإتقان ويقدر ويدبر باتزان والله سبحانه حكيم بهذا المعنى . وأوضح دليل على ذلك أن فعله في غاية البداعة والإحكام والإتقان ، فإن الناظر يرى أن العالم خلق على نظام بديع ، وأن كل نوع خلق بأفضل صورة تناسبه ، وجهز بكل ما يحتاج إليه من أجهزة تهديه في حياته وتساعده على السير إلى الكمال . وإن شئت فانظر إلى الأشياء المحيطة بك مما هو من مظاهر حكمته تعالى . فلاحظ العين مثلا فإن فيها ما يقرب من مائة وأربعين مليون مستقبل حساس للضوء تسمى بالمخاريط والعصي ، وطبقة المخاريط والعصي هذه واحدة من الطبقات العشر التي تشكل شبكية العين ، ولا يتجاوز ثخانتها - بطبقاتها - العشر أربعة أعشار المليمتر الواحد . ويخرج من العين نصف مليون ليف عصبي ينقل الصورة بشكل ملون ! وهذا القلب وهو مضخة الحياة التي لا تكل عن العمل ، فإنه ينبض يوميا ما يزيد على مائة ألف مرة ، يضخ خلالها ثمانية آلاف ليتر من الدم ،