وليس المراد منه الحسن الرائق في المنظر ، فإن ذلك مفقود في القرد والخنزير ، وإنما المراد منه حسن التدبير في وضع كل شئ موضعه بحسب المصلحة . وهو المراد بقوله : * ( وخلق كل شئ فقدره تقديرا ) * [1] . الثاني إنه عبارة عن كونه مقدسا عن فعل ما لا ينبغي ، قال تعالى : * ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ) * [2] . وقال : * ( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ) * [3] ونبحث فيما يلي عن كلا المعنيين واحدا بعد الآخر . * * *
[1] سورة الفرقان : الآية 2 . [2] سورة المؤمنون : الآية 115 . [3] وقد ذكر الرازي هنا معنى ثالثا وهو أن الحكمة عبارة عن معرفة أفضل المعلومات بأفضل العلوم ، فالحكيم بمعنى العليم ، قال الغزالي : وقد دللنا على أنه لا يعرف الله إلا الله ، فيلزم أن يكون الحكيم الحق هو الله ، لأنه يعلم أصل الأشياء ، وهو ( العلم بأصل الأشياء ) أصل العلوم ، وهو علمه الأزلي الدائم الذي لا يتصور زواله ، المطابق للعلوم مطابقة لا يتطرق إليها الخفاء ولا شبهة ( أسماء الله الحسنى ، ص 279 - 280 ) . أقول : وعلى المعنى الثالث تكون الحكمة من شعب علمه .