نام کتاب : الأسماء الثلاثة نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 40
ومن ذلك يعلم مفاد قوله سبحانه : * ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين * وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ) * ( يس / 60 - 61 ) . فإن من يتبع قول الشيطان فيتساهل في الصلاة والصيام ، ويترك الفرائض أو يشرب الخمر ويرتكب الزنا ، فإنه بعمله هذا يقترف المعاصي لا أنه يعبده كعبادة الله ، أو كعبادة المشركين للأصنام ولأجل ذلك ، لا يكون مشركا محكوما عليه بأحكام الشرك ، وخارجا عن عداد المسلمين ، مع أنه من عبدة الشيطان لكن بالمعنى الوسيع للعبادة الأعم من الحقيقي والمجازي . وربما يتوسع في إطلاق العبادة فتستعمل في مطلق الإصغاء لكلام الغير ، وفي الحديث : " من أصغى إلى ناطق فقد عبده ، فإن كان الناطق يؤدي عن الله عز وجل فقد عبد الله ، وإن كان الناطق يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان " . [1] توجيه غير سديد إن بعض من يفسر العبادة بالخضوع والتذلل عندما يقف أمام هذه الدلائل الوافرة ، يحاول أن يجيب ويقول : إن سجود الملائكة لآدم أو سجود يعقوب و أبنائه ليوسف ، لم يكن عبادة له ولا ليوسف ، لأن ذلك كان بأمر الله سبحانه ولولا أمره لانقلب عملهم عبادة لهما . وهذا التوجيه بمعزل عن التحقيق ، لأن معنى ذلك أن أمر الله يغير الموضوع ، ويبدل واقعه إلى غير ما كان عليه ، مع أن الحكم لا يغير الموضوع . فإذا افترضنا أنه سبحانه أمر بسب المشرك والمنافق ، فأمره سبحانه لا يخرج السب عن كونه سبا ، إذن لو كان مطلق الخضوع المتجلي في صورة السجود لآدم ، أو ليوسف ، عبادة لكان معنى ذلك أنه سبحانه أمر بعبادة غيره ، مع أنها فحشاء